«أَعَنْ صَبُوح تُرَقِّقُ» يُضْرَبُ مثلاً لمن يُجَمْجِمُ ولا يُصَرِّح ، وقد يُضْرَبُ أيضاً لمنْ يُوَرِّي عن الخَطْبِ العظيم بكناية عنه ، ولمن يُوجِبُ عليك ما لا يجب بكلام يُلَطِّفه ، وأصله أن رجلاً من العرب نزل برجل من العرب عشاء فَغَبَقَه لبناً ، فلما روى عَلِقَ يُحَدِّثُ أُمَّ مَثْواه بحديث يُرَقِّقُهُ ، وقال في خلال كلامه : إذا كان غدا اصطبحنا وفعلنا ، فَفَطِن له المَنْزولُ عليه ، وقال : أَعَنْ صَبُوح تُرَقِّق.
وروي عن الشعبي أنَّ رجلاً سأله عن رجل قبَّل أمّ امرأته ، فقال له الشَّعْبِي : أَعَن صَبُوحٍ تُرَقِّق حَرُمَت عليه امرأتُه ، ظنّ الشَّعْبِي أنه كنى بتقبيله إيّاها عن جِمَاعها.
وقال أبو عُبَيد : السِّيَاطُ الأصْبَحِيَّة منسوبة إلى ذِي أَصْبَح : ملك من ملوك حِمْيَر.
وقال الليث : الصَّبَح : شدة الحُمرة في الشَّعَر.
وقال أبو عُبَيد : قال الأصمعي : الأصْبَحُ : قريب من الأَصْهَب.
وروى شمر عن أبي نصْر قال : في الشَّعر الصُّبْحَةُ والمُلْحَةُ ، ورجل أَصْبَحُ اللِّحية : للذي يعلو شَعر لِحيته بياض مُشْربٌ حُمرة ، ورجل أصبح بَيِّن الصُّبحة ، وقد اصْبَاحَ شعره ، ومن ذلك قيل : دَمٌ صُبَاحِيٌ لِشَدّة حمرته ، قال أبو زُبيد :
* عَبِيطٌ صُبَاحِيٌ من الجَوْفِ أَشْقَرا*
وقال شمر : الأَصْبَحُ. الذي يكون في سَوَادِ شعرَه حُمْرَة ، ومنه صُبْحُ النَّهارِ مُشْتَقٌّ من الأَصْبَح.
وقال الليث : الصَّبِيحُ : الوضيء الوجه ، وقد صَبُحَ يَصْبُح صَباحَةً ، وأما مِن الأصْبَح فيقال صَبِحَ يَصْبَح صَبَحاً فهو أصْبَح الشَّعَر. قلت : ولون الصُّبْح الصادِق يَضربُ إلى الحُمْرَة قليلاً كأنها لونُ الشفق الأول في أول الليل.
ويقال للرَّجُل يُنَبَّه من سِنَةِ الغَفْلَةِ أَصْبِحْ أي انْتبه وأَبْصِر رُشدَك وما يُصْلِحُك ، وقال رؤبة :
* أَصْبِحْ فَمَا مِنْ بَشَرٍ مَأْرُوشِ*
أي بَشَرٍ مَعِيب ، وقولُ الشَّمَّاخ :
وتَشْكُو بِعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكَابَها |
وقِيل المُنَادِي أَصْبَح القومُ أَدْلجِي |
يسأل السائل عنه فيقول : الإِدْلَاجُ : سَيْرُ الليل ، فكيف يقول : أصبح القوم وهو يأمُر بالإدْلَاج ، والجواب فيه أن العرب إذا قَرَّبَتْ المكانَ تُرِيدُه تقول : قد بَلَغْنَاه ، وإذا قرَّبت للسَّارِي طلوعَ الصُّبْح وإن كان غَيْرَ طالع تقول : أصبحنا ، وأراد بقوله : أصْبَح القومُ : دنا وقتُ دخولهم في الصباح : وإنما فسّرت هذا البيت لأن بعض الناس فَسَّره بعينه على غير ما هو عليه.
وصَبَاح : حَيّ من العرب ، ومن أسماء العرب صُبح وصُبَيْح ومُصَبِّح وصَباحٌ وصَبيحٌ.
ومن أمثالهم السائرة في وصف الكذّاب قولهم : «أكذب من الآخِذِ الصَّبْحان». قال شمر : هكذا قال ابن الأعرابي قال : وهو الحُوار الذي قد شرب فروِي فإذا أردت