خامسا : بحسب علم المخاطب :
يحدد المبتدأ بحسب علم المخاطب ، فإن علم منه أنه فى علمه أحد الأمرين بطريقة أو بأخرى فالمعلوم هو المبتدأ ، والمجهول هو الخبر.
وبالنظر الدقيق فى طبيعة اللغة والغرض الدلالى من إنشائها نلحظ ما يأتى : ـ اللغة منطوقة وليست مكتوبة ، فهى ملفوظة وحادثة بين طرفين ، أولهما متحدث ، والآخر مستمع.
ـ المتحدث هو البادئ بالحديث متوجها به إلى المستمع ليخبره بإخبار ما.
ـ الإخبار يكون بجملة تامة لها طرفان أو ركنان ، يعتمد ثانيهما على أولهما.
ـ يجب أن يكون بين طرفى الحديث معنى رابط حتى يكون له فائدة للمتلقى ، وهذه الفكرة تنبنى على فكرة الجهل والعلم فى الجملة الإخبارية ، فما الإخبار ـ كما ذكرنا ـ إلا إعلام عن مجهول ، والمجهول أو غير المعلوم يكون عند الطرف الثانى وهو المستمع ، ويتمثل فى الخبر فى الجملة الاسمية ؛ لأنه المعنى الجديد الذى يعرفه.
ـ ما يبتدئ المتحدث بما ابتدأ به إلا لعلمه بمعلوميته لدى المستمع ، سواء أكانت هذه المعلومية حقيقة أم افتراضية.
لذا فإن الاسمين إذا كانا معرفتين وكوّنا جملة اسمية تامة الإخبار ، فإن الاسم الأسبق منهما يكون المبتدأ ؛ لأنه يكون المدلول الرابط بين طرفى الحديث.
فإذا قلت : أبوه المحافظ ؛ فالمراد الإخبار عن ماهية الأبوة المنسوبة إليه بأنها تتمثل فى وظيفة المحافظ ، والأبوة لا بدّ أنها الطرف المعلوم ، أما معنى المحافظ فهى الطرف المجهول ، وإن افترضنا سؤالا لهذه الجملة لكان : من أبوه؟ ومنه يتضح المعلوم والمجهول لدى طرفى الحديث.
أما إذا قيل : المحافظ أبوه ؛ فعلينا أن نفترض أن المستمع يعلم أن هناك علاقة بين المحافظ وبين المتحدث عنه ، وتتحدد هذه العلاقة من خلال الإخبار بالأبوة ،