ب ـ الجملة الفعلية المحولة : وهى التى تغير فيها حكم الخبر بأثر الأفعال السابقة عليها ، وهى فعلية محولة عن الاسمية ، أو ذات أدوات محولة عن الأفعال.
ملحوظة :
لسنا مع الذين لا يفرقون بين نوعى الجملة حال ما إذا تضمنتا كلمتين مكررتين فى الجملتين إلا من التقديم والتأخير ، كأن تقول : يخشى المؤمن ربه ، المؤمن يخشى ربّه. وبداية أنبه إلى فكرة مهمة فى صحة البناء اللغوى ؛ وهى أن طرفى إحداث اللغة يجب أن يشترك أحدهما مع الآخر فى جانب من طرف الإخبار أو النقل حتى يتمّ التفاهم بينهما ، ولا بدّ أن تفترض ذلك ، لأن الإخبار له طرفان ، يجب أن يكون أحدهما معلوما لدى طرفى الحديث كى يبنى عليه ما يخبر به وينبنى عليه ، وهذا المعلوم يكون حلقة الاتصال بين طرفى الحديث ، ويكون الركن الثانى من الإخبار مجهولا لدى الطرف الثانى ، وإلا لما كان إخبار ، فالإخبار قائم على أساس المعلوم والمجهول ، والمتحدث يبتدئ بما هو معلوم للمتلقى ، ويبنى عليه ما هو مجهول ويريد إخباره به.
ففى الجملتين السابقتين نجد أن أولاهما فعلية بالضرورة ، والأخرى اسمية لا غير. لأنه عند ما قيل : (يخشى المؤمن ربّه) تركز الإخبار فى الخشية ، فهى مدار الحديث ، ثم الإخبار عنها بأنها صادرة من الذات التى يطلق عليها (المؤمن).
وليست الذات التى يطلق عليها : الكاتب أو السائر ، أو الرياضىّ ... أو غير ذلك ، فالفاعل فى هذه الجملة هو الذى يحتمل التغيير ، أما الفعل ـ وهو الخشية ـ فلا يحتمل التغيير ؛ لأنه المعنى الثابت المعلوم لدى المتحدث والمتلقى. والمعلوم لا يتغير لمعلوميته ، أما المجهول فهو القابل للتغير ، وهو المحتمل للصدق والكذب.
ونستحضر هنا قول سيبويه : «كأنهم إنما يقدمون الذى بيانه أهمّ لهم ، وهم ببيانه أعنى» (١) ، ونستحضر كذلك نظرة عبد القاهر الجرجانى فى التقديم والتأخير (٢).
__________________
(١) الكتاب ١ ـ ٣٤.
(٢) ينظر : دلائل الإعجاز ٨٣ ـ ١١٢.