فأصبح بطن مكة مقشعرا |
|
كأنّ الأرض ليس بها هشام (١) |
(لكنّ):
بتشديد النون ، حرف ناسخ يقصره النحاة على معنى الاستدراك ، لكنه ـ كما ذكرت ـ يفيد إلى جانبه معنى التوكيد ، فيكون للاستدراك التوكيدى.
ويفسر الاستدراك على أنه المغايرة ، أى : مغايرة الثانى للأول ـ نفيا أو إيجابا ـ ، فكأنه لما أخبر عن المعنى الأول بخبر يتوهم منه معنى يترتب عليه غير المعنى الذى يريده المتحدث ؛ تدورك بالإخبار عنه باستخدام الحرف (لكن) ، فهو يربط بين جملتين ، أولاهما : المعنى المراد منها منقوص فى فكر المتحدث على الرغم من تمامها بنيويا ، ونقصه يتأتّى من النتيجة الفكرية المترتبة عليه ـ حتما ـ فيستدرك هذا المعنى بجملة (لكن) مع معموليها ، ويكون معناها على غير النتيجة المتراتبة على الجملة السابقة ، فبين الجملتين شىء من المخالفة المعنوية ، والمتحدث فى الوقت ذاته يؤكد معنى الجملة المستدرك بها ، ويلحظ أن المعنى السابق لـ (لكن) يمثل حقيقة أو شعورا أو رغبة كامنة أو غير ذلك مما هو حقيقة ، لكن ما بعدها يتخالف معه فى التراتب المعنوى والتناسق الدلالى ، فيقال : الجو معتدل لكننى لن أخرج.
حيث اعتدال الجو يتراتب عليه الخروج والتنزه ، لكن ما بعد حرف الاستدراك يناقض ذلك ، وضمير المتكلم (الياء) فى محلّ نصب ، اسم (لكن) ، أما خبرها فهو الجملة الفعلية (لن أخرج) ، وهى فى محل رفع.
__________________
(١) المغنى ١ ـ ٢١٠ / شفاء العليل ١ ـ ٣٥١ / شرح التصريح ١ ـ ٢١٢ / الدرر ٢ ـ ١٦٣.
(أصبح) فعل ماض ناقص ناسخ مبنى على الفتح. (بطن) اسم أصبح مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وهو مضاف ، و (مكة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف.
(مقشعرا) خبر أصبح منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (كأن) حرف ناسخ مبنى على الفتح ، لا محل له من الإعراب. (الأرض) اسم كأن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (ليس) فعل ماض ناقص ناسخ جامد مبنى على الفتح. (بها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل نصب ، خبر ليس مقدم. (هشام) اسم ليس مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وجملة ليس مع معموليها فى محل رفع ، خبر كأن.