فإن أريد بها معنى : (سكّن أو أطفأ) كانت تامة. ويلحق بها مرادفا : ونى ورام ، ومنه فلان لا بنى يفعل كذا ، أى : لا يزال. فإن أريد بـ (ونى) معنى (فتر) وب (رام) معنى (ذهب أو فارق) كانا تامّين.
انفكّ :
نحو : ما انفكّ محمد ملتزما بما تعهد به ، أى : ما زال ...
فإن أريد بها معنى : خلص أو انفصل كانت تامة.
هذه الأفعال الأربعة التى يشترط سبقها بالنفى تفيد معنى استمرار الفعل بفاعله فى زمانه (١) ، أو ملازمة الخبر المخبر عنه على حسب ما يقتضيه الحال (٢) ، ويمكن القول : إنها تفيد استمرارية مدلول الخبر للمبتدإ ، أى : استمرار الحكم على المبتدإ بما فيه من معنى للخبر ، ولذلك فإن فيها معنى الزمن ، ويجب أن تدلّ عليه. فإذا قلت : ما زال الجوّ معتدلا ، فإننى أفيد استمرار معنى الاعتدال المحكوم به على الجوّ ، فأفاد الفعل (ما زال) استمرار الحدث.
وهذه الأفعال جذورها فيه معنى الانتقال والذهاب ، فعندها يدخل عليها النافى فإنه ينفى الانتقال ، وبالتالى يحول معناه إلى الاستمرار والثبات.
وبمعنى آخر ؛ هذه الأفعال فيها معنى المفارقة ، وهى فى معنى النفى ، فلما دخل عليها ما فيه معنى النفى صار معناها مفيدا الإثبات ، فنفى النفى إثبات ، ولذلك يمتنع نقض معناها بنفى آخر ، فلا يقال : ما زال محمد إلا فاهما ، لأن الاستثناء نفى. فأما قول ذى الرمة :
حراجيج ما تنفك إلّا مناخة |
|
على الخسف أو نرمى بها بلدا قفرا |
فإنه يخرج على أوجه : (تنفك) فعل تام ، و (مناخة) حال.
__________________
(١) يرجع إلى : الفصل ٢٦٧.
(٢) ينظر : شرح ابن عقيل ١ ـ ١٠٠ / الأشمونى ١ ـ ٢٢٦.