قضية حدثيّتها
يختلف النحاة فيما بينهم فى قضية دلالة هذه الأفعال على الحدثية. وفى بداية دراسة هذه القضية علينا أن نستعرض فعلية أو حرفية هذه النواسخ ، كلّ هذه الأدوات أفعال اتفاقا ، إلا (ليس) ، فقد اختلف فى فعليتها وحرفيتها حيث :
ـ يذهب الجمهور إلى أنها فعل (١).
ـ أما الفارسى ففى أحد قوليه يرى أنها حرف.
ـ ولكننا نقرأ عند العكبرى : ومن عبّر عنها من البصريين بالحروف فقد تجوز ، لأنه وجدها تشبه الحرف فى أنها لا تدل على الحدث. وإنما هى أفعال لفظية (٢).
ـ أما الرازى فيعتبرها حرفا لأنها على غير هيئة الأفعال ، فلا يأتى منها المضارع أو اسم الفعل ، كما أنها تدخل على الفعل (٣).
ـ ويذكر ابن هشام : زعم ابن السراج أنّ (ليس) حرف بمنزلة (ما) ، وتابعه الفارسى فى الحلبيات ، وابن شقير وجماعة (٤).
ثم يصحح ابن هشام كونها فعلا ، ويدلل على ذلك باتصالها بضمائر الرفع.
ـ ولكن المالقى يرى أنها ليست محضة فى الحرفية. كما أنها ليست محضة فى الفعلية. ويستطرد قائلا : ولذلك وقع الخلاف بين سيبويه وأبى على الفارسى : فزعم سيبويه أنها فعل ، وزعم أبو على أنها حرف (٥). ولا يفوتنا ذكر المبرد ورأيه بفعليتها ، حيث تتصل بضمائر الرفع ، نحو : لست ، لستم ، لستن ، ليسوا (٦).
ولـ (ليس) طبيعة تركيبية معينة ، حيث يكثر اقتران خبرها بحرف الجر الزائد (٧) ، كما أنها لا تتصرف تصرف هذه الأفعال ، كما أنها تتضمن الوحدة
__________________
(١) ينظر : شرح ابن عقيل ١ ـ ٩٨.
(٢) اللباب فى علل البناء والإعراب ١١٤.
(٣) انظر : تفسير الرازى ٢ ـ ٩٢ / رصف المبانى ٣٠١.
(٤) مغنى اللبيب ١ ـ ٢٠٩ / وانظر : الجنى الدانى ٤٩٣ ، ٤٩٤.
(٥) رصف المبانى ٣٠٠.
(٦) المقتضب ٤ ـ ٨٧ ، ١٩٠.
(٧) انظر : التسهيل ٥٤.