أما جمهور الكوفيين فيذهبون إلى أنها لا تعمل فى المبتدإ ، وإنما هو مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخولها على جملته.
وقد خالفهم الفراء فى ذلك ، حيث ذهب إلى أنها عملت فيه الرفع تشبيها لها بالفاعل (١).
وإذا كان من رأى فإنه لا داعى لكلّ هذه التأويلات ، فاسم (كان) مرفوع بما هو مرفوع به قبل دخولها عليه ، وهو الابتداء.
ثانيا : عامل النصب فى خبرها :
إذا كان النحاة يتفقون فيما بينهم فى كون خبر الأفعال الناسخة منصوبا بها ، فإنهم يختلفون فى عامل النصب على النحو التالى : يذهب البصريون إلى أن خبر الأفعال الناسخة منصوب لشبهه بالمفعول به ، ويسميه (سيبويه) اسم مفعول (٢) ، ويسمّونه خبرا حقيقة ، ولكنه مفعول مجازا ، وهم فى ذلك يشبهون (كان) بالفعل التامّ المتعدى. أما الكوفيون فقد اختلفوا فى عامل النصب ، حيث يرى الفراء أن خبر (كان) منصوب تشبيها له بالحال ، فتشبه (كان) وأخواتها الفعل (قام) ، أما سائر الكوفيين فيرون أنه منصوب على الحالية.
يميل جمهور النحاة إلى ما ذهب إليه البصريون حيث يرد خبر (كان) ضميرا ومعرفة وجامدا ولا يستغنى عنه ، وليس ذلك شأن الحال (٣). كما يعترض على تشبيه خبر (كان) بالمفعول به بأنه قد يأتى جملة أو شبه جملة ، وليس المفعول كذلك ـ على حدّ رأى هؤلاء ـ لكننا ندرك أن الجملة قد تكون مفعولا به مع القول ، وما فى معناه ، ومع أفعال القلوب. كما أن المفعول به قد يكون شبه جملة مع الفعل المتعدى بواسطة حرف الجر ، وما تعلق حرف الجر مع مجروره إلا مفعولية.
__________________
(١) ينظر : اللباب فى علل البناء والإعراب ١١٦ / والمواضع السابقة.
(٢) الكتاب ١ ـ ٤٥ / وينظر : المقتضب ٣ ـ ٩٦ ، ٤ ـ ٨٦.
(٣) ينظر : حاشية الخضرى على ابن عقيل ١ ـ ٩٨ ، ٩٩ / شرح التصريح ١ ـ ١٨٤ / الهمع ١ ـ ١١١.