ب ـ أن يلغى معناها وعملها معا ، وإنما تزاد مرادا بها التوكيد ، فهى زيادة حقيقية ، فيكون وجودها فى الكلام وعدم وجودها سواء ، ويمثل لذلك بقوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) [مريم : ٢٩]. فلو أنها دلّت على الزمان الماضى لما كان لعيسى عليه السّلام معجزة ، لأن الناس سواء فى ذلك ، ويجعلون منه كذلك قول الشاعر المذكور سابقا :
جياد بنى بكر تساموا |
|
على كان المسوّمة العراب |
وكذلك قولهم : لم يوجد كان مثلهم.
ملحوظة :
قول الفرزدق :
فكيف إذا رأيت ديار قوم |
|
وجيران لنا كانوا كرام (١) |
فيه توسط الفعل (كان) بين الموصوف (جيران) وصفته (كرام) ، ويستدلّ على ذلك بأن القافية ميم مكسورة ، فيجعل فريق من النحاة هذا الموضع دليلا على زيادة (كان) بين المنعوت ونعته ، وعلى رأس هؤلاء سيبويه (٢) ، لكن المبرد يرى أن هذا الموضع ليس من قبيل زيادة (كان) ، والتقدير : وجيران كرام كانوا لنا (٣) ، فذكر اسم (كان) وهو واو الجماعة ، وخبرها شبه جملة (لنا) ، وفصل بين النعت ومنعوته بجملة (كان) مع اسمها وخبرها ، فـ (كان) عند المبرد هنا ناقصة.
٨ ـ (كان) بمعنى (صار) (٤) :
ومنه قوله تعالى : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) [الرحمن : ٣٧] ، أى فصارت ـ والله أعلم. ومنه قول الشاعر :
__________________
اسم مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (كان) فعل زائد مبنى لا محل له من الإعراب. (أصبرا) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو ، والألف للإطلاق. والجملة الفعلية فى محل رفع ، خبر المبتدإ. وفيه ضمير محذوف تقديره (ها) الغائبة فى محل نصب ، مفعول به. والتقدير : وما كان أصبرها.
(١) المقتضب ٤ ـ ١١٦ / شرح التصريح ١ ـ ١٩٢.
(٢) الكتاب ٢ ـ ١٥٣.
(٣) المقتضب ٤ ـ ١١٧.
(٤) المفصل ٢٦٥ / التسهيل ٥٣.