فيجرونها ـ أى : ما ـ مجرى (أما وهل) ، أى : لا يعملونها فى شىء ، وهو القياس ؛ لأنه ليس بفعل ، وليس (ما) كـ (ليس) ، ولا يكون فيها إضمار ، وأما أهل الحجاز فيشبهونها بـ (ليس) ، إذ كان معناها كمعناها» (١).
وبهذا فقد نظر التميميون إلى (ما) على أنها حرف عام فلا يعمل ، أى : هو حرف غير مختصّ ، حيث يدخل على الأسماء والأفعال ، أما الحجازيون فقد نظروا إليها على أنها حرف خاصّ ، يختصّ بالدخول على الأسماء ، فأعملوها لذلك (٢).
وإذا كان الحجازيّون قد أعملوها عمل (ليس) فإن النحاة انقسموا إزاء عملها فى الجزأين إلى قسمين :
أولهما : ما يذهب إليه البصريون من إعمالها فى الجزأين معا ، أى ترفع المبتدأ رفعا جديدا غير ما كان عليه قبل دخولها عليه. وتنصب الخبر.
والآخر : يدل على رأى الكوفيين ، حيث يذهبون إلى إعمالها فى الجزء الأول ، أما الخبر فقد نصب فى رأيهم على إسقاط الخافض.
وقد جاء التنزيل بلغة الحجازيين حيث إعمال (ما) عمل (ليس) فى قوله تعالى : (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ)(٣) [يوسف : ٣١]. اسم الإشارة (هذا) فى محلّ رفع ، اسم (ما) ، أما (بشرا) فهو خبر (ما) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.
وأذكر بأنه منصوب على نزع الخافض عند الكوفيين ، لكنه منصوب على الخبرية لـ (ما) عند البصريين ، وهو الرأى الشائع ، والذى يعتدّ به.
__________________
(١) الكتاب ١ ـ ٥٧ / وينظر : المقتضب ٤ ـ ١٨٩.
(٢) المقرب ١ ـ ١٠٢.
(٣) (إن) حرف نفى مبنى لا محلّ له من الإعراب ، غير عامل. (هذا) الثانية اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (إلا) حرف استثناء يفيد هنا الحصر والقصر مبنى ، لا محل له من الإعراب. (ملك) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (كريم) نعت لملك مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.