وفيه بطل عمل (ما) الحجازية ؛ لأنه قد زيد بعدها (إن) ، فـ (طب) مبتدأ مرفوع ، و (جبن) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة.
فكلّ من (ما) و (إن) يكفّ صاحبه عن العمل.
د ـ ألا ينتقض نفى خبرها :
خبر (ما) يكون بمدلولها منفيا عن المبتدإ ، فإذا قلت : ما محمد مهملا ، فإن (ما) تنفى الإهمال عن محمد. فإذا انتقض نفى الخبر بناف آخر فإنها تهمل ، إذ إن المقصود من إلحاقها بالجملة الاسمية هو النفى ، ودخول النفى على خبرها يفيد الإثبات ؛ وحرف الاستثناء نفى ، فإذا دخل على خبر (ما) أهملت (١). خلافا ليونس (٢). ولهذا وجب الرفع فى : قوله تعالى : (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ)(٣) [القمر : ٥٠]. (أمر) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وخبره (واحدة) مرفوع. (ما) حرف نفى مبنى ، (إلا) حرف استثناء للقصر والحصر مبنى لا محلّ له من الإعراب.
وكذلك قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) [آل عمران : ١٤٤]. حيث انتقض النفى بـ (ما) بحرف الاستثناء (إلا) ، فتحول مجمل معنى الجملة إلى القصر والحصر. فمحمد مبتدأ مرفوع ، خبره (رسول).
وقوله تعالى : (ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) [الشعراء : ١٥٤].
أما قول الشاعر :
وما الدهر إلا منجنونا بأهله |
|
وما صاحب الحاجات إلا معذّبا (٤) |
فهو على غير ما زعم يونس من إعمال (ما) عمل (ليس) مع انتقاض نفى خبرها بـ (إلّا) ؛ لأنه يجعل كلا من (منجنونا) و (معذبا) خبرا لـ (ما). لكن جمهور البصريين يؤوّلون ذلك على وجهين :
__________________
(١) ينظر : المقتضب ٤ ـ ١٨٨ / التسهيل ٥٦.
(٢) ينظر : التسهيل ٥٧.
(٣) شبه جملة (كلمح) فى محل رفع نعت لواحدة. (بالبصر) شبه جملة متعلقة باللمح.
(٤) المغنى ١ ـ ٧٦ / المقرب ١ ـ ١٠٣ / شرح المفصل ٨ ـ ٧٥. المنجنون : الدولاب التى يستقى بها الماء.