الابتداء بالنكرة
ذكرنا أن المبتدأ يجب أن يكون معرفة حتى تتحقق معلوميته لدى طرفى الحديث حيث هو المحور الذى ينبنى عليه الإخبار ، وهو المحكوم عليه ، والحكم على الشىء لا يكون إلا بعد تعريفه ، وإذا كانت النكرة مختصة أو محددة فإنها تحمل معنى المعلومية ، أو : يفترض فيها المعلومية ، حيث يحاول المتحدث أن يخصص النكرة ويحددها للمستمع. لذا جاز الابتداء بالنكرة إذا كانت مختصة أو مخصصة ، وإذا كانت محددة أو إذا كانت شاملة ، وكلّها يكون فيها معنى المعلومية ؛ لأن فيها معنى التحديد ، فتكون قريبة من المعرفة.
ويمكن حصر مواضع جواز الابتداء بالنكرة المخصصة أو المحددة أو الشاملة فى المواضع الآتية (١) :
الأول : أن تكون النكرة وصفا :
أى : إذا كانت النكرة صفة مشتقة فإنه يجوز الابتداء بها ؛ لأن الصفة المشتقة تدلّ على الصفة وصاحبها ، من ذلك قولهم : ضعيف عاذ بقرملة ، أى : حيوان ضعيف. (ضعيف) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة. والجملة الفعلية (عاذ) فى محل رفع ، خبر المبتدإ.
ومنه أن تقول : فاهم أجاب عن السؤال. أى : طالب فاهم ، وذو علم أتانا ، أى : رجل ذو علم ، حيث (ذو) فيها معنى الصفة المشتقة ؛ لأنها بمعنى : (صاحب).
الثانى : أن تكون النكرة عاملة فيما بعدها :
إذا كانت النكرة عاملة فيما بعدها بالرفع أو النصب أو الجرّ فإنه يجوز الابتداء بها.
وهذه يمكن أن تلحق بما قبلها ، حيث تتضمن الصفة المشتقة والمصدر والمضاف.
أما الصفة المشتقة فهى جائزة الابتداء بها إذا كانت نكرة مطلقا ، هذا من جانب ، ومن وجه آخر فإن الصفة المشتقة تعمل بعد نفى واستفهام ، وهما مسوغان للابتداء بالنكرة.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ٢ ـ ٣٢٩ / شرح ابن يعيش ١ ـ ٨٦ / التسهيل ٤٦ / مغنى اللبيب ٢ ـ ٨٤ / المقرب ١ ـ ٨٢ / شرح التصريح ١ ـ ١٦٨ / الهمع ١ ـ ١٠١.