الخبر
ذكرنا أن الجملة الاسمية إنما تنشأ من أجل نقل معنى الخبر وإبلاغه ، ولا فائدة فى ذكر اسم يعرفه المخاطب إذا لم يخبر عنه بشىء ، ومعنى الخبر هو الطرف المجهول لدى المتلقّى ، وهو محطّ الإخبار ؛ لذا نجد أنه إذا كان معلوما لدى المستمع أو المتلقّى فإنّ تجاوبه للمتحدّث سيكون معدوما ، وربما كان تفاعله بمعنى علمه به ، ونلمس ذلك فى معاملاتنا اللغوية اليومية.
وقد تناول النحاة تعريفات متعددة للخبر ، وإن اختلفت فى لفظها ؛ فإنها تتفق فى فهمهم للخبر ، يمثلها الحدّ الآتى : الخبر هو الجزء الذى حصلت به أو بمتعلقه الفائدة التامة مع مبتدإ غير الوصف المذكور (١).
فالخبر هو المعنى الذى تتمّ به الفائدة من الحديث بالمبتدإ ، وهو المعنى المراد الإخبار به عنه ، ولذا فإن التصديق والتكذيب للمعنى يقعان فى معنى الخبر (٢).
فلو قيل : (محمد مجتهد) لكان التصديق والتكذيب فى الاجتهاد الذى أخبر به عن محمد ، وليس فى محمد ذاته ، وقد يشكّ فى محمد ذاته ، كأن يقال : لا ؛ بل محمود هو المجتهد ، فتكون ـ حينئذ ـ قد أضربت عن معنى الجملة كلّها ، وتكون قد أخبرت بجملة جديدة ، وإن كان فيها معنى الاجتهاد ، وتكون (لا) لنفى علاقة الخبر فى الجملة الأولى بالمبتدإ فيها.
فإذا كان النفى حين يقال : ليس محمد مجتهدا ؛ فإنه يقع على الاجتهاد ، وهو معنى الخبر ، وليس النفى واقعا على محمد ، وهو المبتدأ ، مما يدلّ على أن معنى التصديق والتكذيب يكونان للخبر وعلاقته بالمبتدإ ، أو للحكم الذى يحكم به على المبتدإ المتمثل فى معنى الخبر ، وليس للمبتدإ.
__________________
(١) شرح التصريح على التوضيح ١ ـ ١٥٩.
(٢) شرح ابن يعيش ١ ـ ٨٧.