ويجوز أن تجعل ذلك من قبيل الاعتماد على الموصوف. ومثله قوله تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(١) [البقرة : ٢]. على أن (فيه هدى) فى محل نصب ، حال من اسم الإشارة ، أو من الكتاب.
ويجوز أن تجعلها من قبيل الاعتماد على المبتدإ.
ـ الاعتماد على نفى ، كقولك : ما فى الدار محمود ، وما أمامك المدرس. ومنه قوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ) [الصافات : ٤٧].
ـ الاعتماد على استفهام ، نحو قولك : أفى الداخل صديقك؟. أعندك أخى؟
ومنه قوله تعالى : (أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [إبراهيم : ١٠].
ـ يرجحون الفاعلية على الابتدائية فيما إذا وقع المرفوع بين همزة استفهام وفعل ، أو بين حرف نفى وفعل (٢) ، نحو : (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ). [الواقعة : ٥٩] ، (وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة : ١٢٦].
ويجيز النحاة الابتدائية ـ حينئذ ـ لكنهم يمنعون الفاعلية فى مثل القول : فى درجه الكتاب ، أو : فى داره زيد ، إجماعا ، كما يمنعون الفاعلية فى مثل القول : فى الدرج الكتاب. خلافا للأخفش تعللا بأن هذا من مواضع جواز تقديم الخبر على المبتدإ.
__________________
(١) فى كلمات هذه الآية الكريمة عدة أوجه إعرابية تقوم كلها على صحة الوقف وحدود الجملة ، موجزها ما يأتى :(ذلك الكتاب) ذلك : مبتدأ ثان ، والكتاب : خبره ، والجملة الاسمية فى محل رفع ، خبر المبتدإ الأول (ألم) ، و (لا ريب) أو (لا ريب فيه) خبر ثان. (ذلك) مبتدأ ، والكتاب : نعته أو بدل منه أو عطف بيان عليه ، وخبره الجملة (لا ريب) أو (لا ريب فيه). والجملة الاسمية يجوز أن تكون خبر (ألم) : أو استئنافية على أن (ألم) جملة فعلية أو اسمية أو لا محل لها من الإعراب.
(ذلك) خبر (ألم) و (الكتاب) صفته أو بدل منه أو عطف بيان عليه (لا ريب فيه) جملة إما خبر وإما خبر ثان وإما حال فى محل نصب. (لا ريب) جملة فيها الأوجه الإعرابية الثلاثة السابقة ، فيكون (فيه هدى) جملة اسمية استئنافية أو خبرا ثانيا أو ثالثا لذلك. أو حالا أو حالا ثانية.
(هدى) يجوز أن يكون مبتدأ مؤخرا ، أو حالا من اسم الإشارة أو الكتاب أو من ضمير الغائب فى (فيه).
(٢) ينظر : الجامع الصغير ٧٧.