ثم يذكر : «فهذا كله ينتصب لأنه مفعول له ، كأنه قيل له : لم فعلت كذا وكذا؟ ، فقال : لكذا وكذا ، ولكنه لما طرح اللام عمل فيه ما قبله» (١).
إذن ، تقدير سيبويه أن المفعول لأجله إنما نصب لحذف حرف الجر (اللام) ، ويؤكد ذلك فى كل موضع يتطلب ذلك فى كتابه ، وفى كل تمثيل بهذا ، فعند ذكره لفتح همزة (أن) لحذف لام التعليل قبلها يذكر ـ مقارنا إياها بالمصدر ـ قوله : «ولكنك حذفت اللام ـ ههنا ـ كما تحذفها فى المصدر إذا قلت :
وأغفر عوراء الكريم ادّخاره |
|
وأعرض عن شتم اللئيم تكرّما |
أى : لادخاره (٢) : ويعلل ابن جنى لذلك بأنه لما حذف اللام نصبه بالفعل الذى قبله (٣).
أما الذين يرون أنه ينتصب انتصاب المصادر فإنه يردّ بأن المصادر تنصب فى أى حال ، وليس بشروط خاصة ، وأهم هذه الشروط التى تفند هذا الرأى هو شرط التعليل ، وكأن النصب هنا معنوى ولفظى ، فأما المبرر المعنوى فيظهر من إرادة مدلول التعليل ، وأما المبررات اللفظية فإنما تتمثل فى سائر الشروط ، والمصادر لا تنصب إلا بتعليل لفظى ، يرجع إلى أصول أفعالها.
أما من يرى بأنه منصوب بفعل مضمر من لفظه فإنه يذهب به مذهب الحال ، أو أنه كيف تعرب الجملة الفعلية التى يمثلها هذا الفعل؟ أتمثل الابتداء؟ إذن تفتقد مدلول الجملة وهو التعليل ، ولو افترضنا أنها تعنى التعليل فلابد من عدة تقديرات ، تتمثل فى افتراض وجود لام التعليل ، ثم تجر ما بعدها مع تقدير (أن) ، فمصدر مؤول .. إلى غير ذلك ، ويذكر ابن الخشاب أن المفعول له «يقدر أبدا باللام ، ثم تحذف فيفضى الفعل إلى مجرورها فينصبه. فالأصل فى قولك : قصدتك ابتغاء عرفك ، لابتغاء عرفك ، ثم حذفت اللام ، فانتصب مجرورها» (٤).
__________________
(١) السابق ١ ـ ٣٦٧ / ينظر : ابن السراج ، الأصول فى النحو ١ ـ ٢٤٦.
(٢) الكتاب ٣ ـ ١٢٦ / وانظر : ابن يعيش ، شرح المفصل ٢ ـ ٥٤ / البغدادى ـ الخزانة ١٠ ـ ٤٩١ / وانظر كذلك : الكتاب ١ ـ ٣٨٦ حيث يذكر سيبويه حذف اللام.
(٣) اللمع ص ١٤١.
(٤) المرتجل ص ١٥٩.