لكم ، أو : فتنة منا لكم ؛ لأن الفتنة لا بد أن يكون لها جهتان : جهة الصدور ، وهو الفاتن أو المبتلى (بكسر اللام) ، وجهة الوقوع عليه ، وهو المفتون أو المبتلى (بفتح اللام).
ومثل ذلك فى قوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون : ١١٥]. حيث (عبثا) منصوب على أنه مفعول لأجله ، والتقدير : لأجل العبث ، وهو إن كان غير مختص فى اللفظ ، إلا أنه مختص فى الذهن ، حيث إن العبث له مصدره الفاعل ، والتقدير : عبثا منا ، كما أننا إذا جعلناه مصدرا واقعا موقع الحال فإننا نقدره بـ (عابثين) ، حيث يكون اسم فاعل ، يدل على المصدر الحادث وفاعله (١).
ثانيا : حذف اللام منه :
أجاز بعض النحاة ـ وعلى رأسهم ابن خروف ـ أن تحذف اللام من المفعول لأجله إذا كان فاعله فاعل الفعل المعلل. ذلك نحو :قصدتك إحسانك لزيد ، وقصدتك إحسان زيد إليك (٢). والأصل ، قصدتك لإحسانك .. ، ولإحسان زيد .. فلما كان فاعل (إحسان) فى الجملتين غير فاعل (قصد) جاز عند هؤلاء النحاة حذف لام التعليل قبل المصدر.
وعليه حمل بعضهم قوله تعالى : (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) [الرعد : ١٢].
حيث الإراءة من الله ـ تعالى ـ والخوف والطمع من عبيده ، ويجعلون من ذلك قول امرئ القيس :
أرى أمّ عمرو دمعها قد تحدّرا |
|
بكاء على عمرو وما كان أصبرا (٣) |
وأصل الكلام : تحدر دمع أم عمرو بكاء على عمرو ، ففاعل التحدر دمع ، وفاعل البكاء أم عمرو.
__________________
(١) ينظر : الإملاء ٢ ـ ١٥٢.
(٢) ينظر : شرح التصريح ١ ـ ٣٣٥.
(٣) شرح ديوانه ٦٩ / شرح ابن عقيل على الألفية ٣ ـ ١٥١ / المساعد ١ ـ ٢٦٨.