ومنه قوله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) [النور الآية الأولى] ، فى (سورة) قراءتان :
أولاهما : قراءة الجمهور بالرفع ؛ على أنها خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : هذه سورة. أو : المتلوّ عليكم سورة.
والأخرى : قراءة عيسى بن عمر وآخرين بالنصب ؛ على أنها مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور.
وقوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) [فصلت : ١٧]. حيث (ثمود) بالرفع على الابتدائية ، وفيها قراءة بالنصب على تقدير (ثمود) مفعولا به مقدما لفعل محذوف يقدر من المذكور.
مفعولا به مقدما لفعل محذوف يقدر من المذكور.
أما قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) [الحديد : ٢٧]. ففيه يوجّه نصب (رهبانية) على وجهين :
أولهما : أنها معطوفة على (رأفة) ، وهى مفعول به لجعل الذى هو بمعنى خلق ، أو : صير ، أما جملة (ابتدعوها) فهى فى محلّ نصب ، نعت لرهبانية.
والآخر : أن تنصب على أنها قضية اشتغال ، فيكون نصبها بفعل مقدر من الفعل المذكور. إلا أن هذا الوجه يجعلونه من إعراب المعتزلة ، حيث يجعلون الرأفة والرحمة منسوبا خلقهما إلى الله تعالى ، أما الرهبانية فيجعلونها من فعل العبد ، وذلك لأنه لا يصح أن تكون قضية اشتغال ؛ لأن رهبانية نكرة لا يجوز الابتداء بها ، والمشغول عنه يجب أن يصحّ الابتداء به. ولكن غيرهم يجعلون العطف مسوغا للابتداء.
تقدير الفعل الناصب :
ذكرنا أن الاسم المشغول عنه إذا كان منصوبا فإنه ينصب عند جمهور النحاة بفعل محذوف ، يقدر تبعا للفعل المذكور المشغول بالضمير ، أو بالاسم الذى نسب إليه الضمير بطريقة من الطرق السابقة.