يرجح رفعه على الابتدائية ؛ لأنه لم يتقدم عليه ما يطلب الفعل وجوبا أو رجحانا ، كما أنه يخبر عنه بجملة فعلية تتضمن الضمير العائد. ويجوز فيه النصب.
أما قول الحارث بن كلدة :
فما أدرى أغيّرهم تناء |
|
وطول العهد أم مال أصابوا (١) |
فيذكر فيه سيبويه : «يريد : أصابوه ، ولا سبيل إلى النصب ، وإن تركت الهاء لأنه وصف ، كما لم يكن النصب فيما أتممت به الاسم ، يعنى الصلة» (٢).
لكن الرأى أنه إذا كان فيه الرفع فإنه حكم راجح ، لكنه يجوز فيه النصب ، فالرفع بعطف (مال) على تناء ، أما النصب فإنه يكون بمعادلة ما بعد (أم) بما قبلها ، وما قبلها جملة فعلية ، فيقدر ما بعدها جملة فعلية تقدر بالقول : أم أصابوا مالا.
كما يرجّح الرفع إذا عطفت جملة الاشتغال على جملة اسمية ، خبرها مفرد أو شبه جملة ، كأن تقول : سمير مقبل ومحمود استضفته ، محمد فى القاعة وعلىّ شرحت له.
يرجح الرفع ترجيحا مطلقا فى الاسم المشغول عنه إذا وقع بعد (أمّا). ففى قوله تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) [فصلت : ١٧] حيث رفع (ثمود) وهو اسم مشغول عنه ، وكان الرفع على الابتدائية لوقوعه بعد (أمّا) ، حيث لا يليها إلا الاسم ويكون مبتدأ.
__________________
(١) الكتاب ١ ـ ٨٨ / التبصرة والتذكرة ١ ـ ٣٢٩ / أمالى ابن الشجرى ١ ـ ٥ ، ٣٢٦ ، ٢ ـ ٣٣٤.
(فما) الفاء بحسب ما قبلها. ما : حرف نفى مبنى لا محل له من الإعراب. (أدرى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. والفاعل ضمير مستتر تقديره : أنا. (أغيرهم) الهمزة حرف استفهام مبنى ، لا محل له من الإعراب. غير : فعل ماض مبنى على الفتح. وضمير الغائبين مبنى فى محل نصب ، مفعول به. (تناء) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة. والجملة فى محل نصب مفعولى أدرى. (وطول) الواو حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. طول : معطوف على تناء مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (العهد) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة (أم) حرف عطف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (مال) معطوف على تناء مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أصابوا) فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. وفيه ضمير محذوف منصوب يعود على مال ، والجملة فى محل رفع ، صفة لمال.
(٢) الكتاب ١ ـ ٨٨.