قضية الرتبة فى الحال
للحال علاقة لفظية ومعنوية بوحدتين من وحدات الجملة ، العامل ، وصاحب الحال. لذا فإن قضية الرتبة فى الحال المؤسسة تعالج بالنظر إلى هاتين الوحدتين من خلال ثلاثة أحكام : الجواز ـ وجوب التقدم ـ وجوب التأخر.
أولا : الرتبة بين الحال والعامل :
أ ـ جواز تقدم الحال على عاملها :
يذهب البصريون دون الجرمى والأخفش والكوفيين إلى جواز تقدم الحال على عاملها إذا كان فعلا متصرفا ، أو صفة تشبه الفعل المتصرف ، يذكر المبرد : «اعلم أن الحال إذا كان العامل فيها فعلا صحيحا جاز ما يجوز فى المفعول به من التقديم والتأخير ، إلا أنها لا تكون إلا نكرة» (١). والصفة المشتقة المتصرفة هى اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، وفى اسم التفضيل خلاف.
فيجيزون : راكبا جاء محمد ، وجاء محمد راكبا ، ومحمد منطلق مسرعا ، ومسرعا محمد منطلق ، ومحمد مسرعا منطلق. وأكلت فجّة الفاكهة ، وأكلت الفاكهة فجّة ، وفجّة أكلت الفاكهة.
ويجعلون منه قوله تعالى : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) [القمر : ٧](٢). حيث (خشّعا) حال منصوبة من الفاعل واو الجماعة فى (يخرجون) ، وقد تقدمت الحال على عاملها الفعل المتصرف (يخرج).
__________________
(١) المقتضب ٤ ـ ١٦٨.
(٢) فيها قراءة الإفراد بالتذكير (خاشعا) ، والإفراد بالتأنيث (خاشعة) ، وكلها تنصب على الحالية. وتخرج على أنها صفة لمفعول به محذوف لـ (يدعو) ، والتقدير : يدعو الداعى قوما ، أو فريقا خشعا ، أو : خاشعا ، أو : خاشعة أبصارهم. كما تخرج على أنها حال من الضمير فى (كأنهم). والصفة متى تقدمت على الجماعة جاز فيها الجمع والإفراد بنوعيه. الجمع لموافقته لما بعده من جمع ، وهو على تقدير : يخشعن أبصارهم ، والإفراد مع التذكير على تقدير : يخشع أبصارهم ، أما الإفراد مع التأنيث فعلى تقدير : تخشع أبصارهم. ينظر : البحر المحيط ١٠ ـ ٣٦.