قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء : ١٤٥ ، ١٤٦](١).
من أوجه إعراب الاسم الموصول المذكور بعد أداة الاستثناء أن يكون مبتدأ خبره الجملة الاسمية (فأولئك مع المؤمنين) ، وحسن دخول الفاء على الخبر لأن المبتدأ اسم عام ، أو فيه معنى الشرط ، ويكون استثناء منقطعا.
(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) [الحج : ٤٠]. (إلا أن يقولوا) استثناء منقطع ، لا يمكن توجه العامل فيه إلى ما بعد (إلا) ، فوجب نصب المستثنى ، فالمصدر المؤول (أن يقولوا) فى محلّ نصب على الاستثناء.
تأول الاتصال والانقطاع :
إن الاتصال والانقطاع فى الاستثناء إنما هما يدوران مع تأول المعنى السياقى للتركيب الاستثنائى ؛ لذلك فإنك تجد فى كثير من مواضع الاستثناء جواز التأول بين الاستثناء المنقطع والاستثناء المتصل. من هذه المواضع :قوله ـ تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ ...) [ص :٧٣ ، ٧٤ ، الحجر : ٣٠ ، ٣١](٢). حيث ينصب المستثنى (إبليس) ؛ لأن الكلام تام مثبت متصل ، فهو استثناء غير مفرغ. وقد يكون استثناء منقطعا ، وهو واجب النصب كذلك ، حيث لا يراد أن يكون إبليس من الملائكة.
__________________
(١) إن حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب ، (المنافقين) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الياء ، (فى الدرك) شبه جملة فى محل رفع ، خبر إن. (من النار) شبه جملة فى محل نصب ، حال من الدرك ، أو من ضمير أسفل. (لهم) شبه جملة متعلقة بنصير. (نصيرا) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (بالله) شبه جملة متعلقة بالاعتصام. (لله) شبه جملة فى محل نصب ، حال. (أولئك) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (مع) ظرف مكان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، (المؤمنين) اسم مجرور بالإضافة ، وعلامة جره الياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم ، وشبه الجملة خبر المبتدأ فى محل رفع ، خبر المبتدأ ،. والجملة الأسمية فى محل رفع خبر المبتدإ (الذين).
(٢) (كلهم) توكيد للملائكة مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائبين مبنى فى محل جر بالإضافة. (أجمعون) تأكيد ثان مرفوع وعلامة رفعه الواو. يلحظ أن (كل) التوكيدية يكثر توكيدها بأجمع.