ومثل ذلك قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) [البقرة ٣٤]. فاستثنى (إبليس) من واو الجماعة الفاعل فى (سجدوا) ، فوجب نصبه.
ومثله قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ ...) [الكهف ٥٠].
ـ قوله تعالى : (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) [البقرة ٢٤٩]. الاستثناء تامّ موجب متصل غير مفرّغ ، فوجب نصب المستثنى (قليلا) على الاستثناء ، لكن قراءة عبد الله وأبى إلا قليل بالرفع تحتاج إلى تعليل معنوى ، وليس ذلك إلا أن الكلام وإن كان موجبا فى اللفظ فهو منفى فى المعنى ، حيث إنه يقدر : (لم يطيعوه إلا قليل منهم) ؛ لذلك كانت قراءة الرفع ؛ على أن ما بعد (إلا) يجوز فيه أن يكون تابعا للمستثنى منه لتأوّل معنى النفى. ومنهم من قدّر أن الرفع فى (قليل) لابتدائيته ، أما خبره فمحذوف تقديره : لم يشرب ، ويكون التقدير العام : إلا قليل منهم لم يشرب ، وتكون الجملة فى محل نصب على الاستثناء ، ويكون استثناء منقطعا.
ـ قوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) [النساء :١٤٨]. (من ظلم) استثناء من (أحد) الفاعل المقدر للمصدر (الجهر) ، فيكون استثناء متصلا تاما منفيا ، فيعرب (من) فى محلّ رفع على البدل من (أحد) ، أو فى محل نصب على الاستثناء. ويجوز أن يكون الاستثناء مفرغا ، فتكون (من) فى محل رفع على الفاعلية للمصدر (الجهر). وقد يكون استثناء منقطعا ، والتقدير :لكن من ظلم ، فينصب (من) وجوبا على الاستثناء.
ـ قوله تعالى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) [النساء : ١١٤]. يتوقف نوع الاستثناء على التوجيه المعنوىّ للنجوى :إذا أريد بها المصدر فإنه يكون استثناء منقطعا ، وينصب المستثنى (من).
إذا أريد بالنجوى المتناجون فإنه يكون متصلا ، ويعرب (من) على الإتباع ، أو منصوبا على الاستثناء.