إبدال المستثنى على الموضع :
إذا كان المستثنى منه مجرورا بـ (من) أو الباء الزائدتين ، أو كان اسم (لا) النافية للجنس ، وكان الكلام تاما منفيا غير مفرّغ فإن للنحاة فى إبدال المستثنى من المستثنى منه رأيين :
أولهما : وهو الشائع ، ما يذهب إليه جمهور النحاة من وجوب الإبدال على المحلّ أو الموضع دون اللفظ. وتعليلهم لذلك أن البدل فى نية تكرير العامل ، وتكرير (لا) النافية للجنس أو الباء الزائدة أو (من) الزائدة يفسد المعنى ، أو لا يصح فى مثل هذه التراكيب.
أما الآخر : فهو ما يذهب إليه الأخفش والكوفيون من الإبدال على المحلّ أو الموضع أو اللفظ أيهما سواء.
ومن إبدال المستثنى من المستثنى منه في الكلام التامّ المنفىّ غير المفرغ على الموضع أو المحل أن تقول : ما فيها من أحد إلا إبراهيم ، برفع (إبراهيم) ونصبه ، فالرفع على البدلية من موضع أو محل (أحد) ، حيث إنه مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الزائد ، فهو بدل على المحل أو على الموضع. أما النصب فعلى الاستثناء. ولا يجوز الإبدال من لفظ (أحد) بمفرده ؛ لأن الإبدال فى نية تكرير العامل ، فكأنك قدرت توكيد (إبراهيم) العلم الموجب بـ (من) ، و (من) هذه لا يؤكد بها إلا المنفى من النكرات ، فالإبدال على المحلّ فى مثل هذا يكون واجبا ؛ إلا إذا قصدت بأن كلّ من هو موجود مسمّى بإبراهيم.
ـ القول : ما جاءنى من أحد إلا زيد ، يحمل (زيد) على البدل من الموضع أو المحل لا من اللفظ ، حيث لا يصح تقدير (من) بعد (إلا) ، حيث لا تزاد إلا فى سياق النفى ، ولذلك فإنه يجوز فى (زيد) النصب على الاستثناء ، والرفع على البدل من موضع (أحد).
ـ أما فى القول : ما رأيت من أحد إلا زيدا. فإنك تنصب زيدا على وجهين :
على الاستثناء ، أو على البدلية من موضع أحد ، وهو النصب على المفعولية. ولا يصح الحمل على اللفظ.