ومن ذلك القول : ما أكل أحد إلا الخبز إلا زيدا (١). بنصب (الخبز) لأن الاستثناء معه ناقص منفى ، فما قبله من عامل مفرغ له ، فينصب على المفعولية ، فكأن المعنى : كلّ الناس أكل الخبز إلا زيدا. وينصب (زيد) كذلك ؛ لأن الاستثناء معه يعدّ مثبتا تاما ، فهو غير مفرغ ، ومثبت لأن أداة النفى (ما) مع (إلا) التى سبقت الخبز بمثابة الإثبات ، والتقدير : أكل الناس كلّ الخبز إلا زيدا.
إشارات تركيبية لـ (إلا):
أولا : قد تستثنى الجملة بـ (إلا):
قد يستثنى باستخدام (إلا) الجملة بأنواعها المتعددة ، حيث يجوز أن يلى (إلا) المسبوقة بنفى فعل مضارع بلا شروط ، كما يليها فعل ماض مسبوق بفعل قبل (إلا) أو مسبوق بقد ، وكلّ فعل يمثل جملة فعلية (٢). مثال ذلك :
ما جاء محمد إلا يبطئ فى مشيه. فالجملة الفعلية ذات الفعل المضارع (يبطئ) إنما هى فى محل نصب ، حال من الفاعل (محمد).
ما سمع علىّ الدرس إلا كان ينصت باهتمام. الجملة المستثناة (كان ينصت) فى محل نصب ، حال من الفاعل (على) ، وهو مسبوق بالفعل (سمع).
ومنه قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [يس : ٣٠].
الجملة المستثناة : (كانوا به يستهزئون) فى محل رفع ، صفة على المحل ، أو فى محل جر ، صفة له على اللفظ ، أو فى محل نصب ، حال منه ؛ لأنه نكرة تخصصت بمن الزائدة.
وأن تقول : ما قلت ذلك إلا قد تأكدت منه. الجملة (قد تأكدت منه) فى محل نصب ، حال من ضمير المتكلم الفاعل (التاء). ومنه قول الشاعر :
ما المجد إلا قد تبيّن أنه |
|
بندى وحلم لا يزال مؤثّلا (٣) |
__________________
(١) ينظر : المقتصد ٢ ـ ٧٠٥ / شرح الخفاف ٩١.
(٢) ينظر : ارتشاف الضرب ٢ ـ ٣١٥.
(٣) المساعد ١ ـ ٥٨١ / الدرر : ١ ـ ١٩٥.
(ما) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب. (المجد) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (إلا) حرف