وقوله صلّى الله عليه وسلّم : «كل أمتى معافى إلا المجاهرون» أى : المجاهرون بالمعاصى لا يعفون.
وقول أبى قتادة : «كلهم أحرموا إلا أبو قتادة لم يحرم». فصرح بالخبر للمبتدإ المرفوع بعد (إلا).
وإذا جاز لنا أن نوافق على رأى جمهور النحاة فى تبعية المرفوع المستثنى بإلا للمرفوع الذى يسبقه المستثنى منه ، أو حمله على الاستثناء المنقطع كما ذهب إليه الكوفيون ، فإن هذا لا يجوز فى الأمثلة التى صرّح فيها بالخبر ، وعليه فإن الجملة قد تكون مستثناة بـ (إلا).
ـ قوله تعالى : (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) [الحجر ١٧ ، ١٨]. فى (من) بعد (إلّا) عدة أوجه :
أن تكون فى محلّ نصب على الاستثناء ، وهو استثناء تام مثبت متصل ، غير مفرغ.
أن نحتسب الاستثناء منقطعا ، فتكون مستثنى منصوبا.
قد تكون مبتدأ فى محل رفع ، وخبره الجملة الفعلية (فأتبعه شهاب) ، ودخلت عليها الفاء لأن المبتدأ اسم عام اسم شرط إن احتسبت (من) شرطية ، وفيه معنى الشرط إذا كانت موصولة ، وتكون الجملة فى محل نصب على الاستثناء.
ملحوظة :
قد تدخل (إلا) على الفعل الماضى إذا تقدمهما قسم ، أو ما فيه معنى القسم الذى فيه معنى الطلب. ومثلها (لمّا) المشددة الميم (١). نحو : نشدتك بالله إلا فعلت. وفيه يكون اللفظ الدال على القسم متضمنا معنى النفى ، وتكون (إلا) أو (لما) لنقض النفى ، فالتقدير : ما نشدتك بالله إلا فعلت. ويقدر ما بعد (إلا) باسم ، أى : إلا فعلك ، ويكون مفعولا به للطلب السابق الكامن فى اللفظ الدال على
__________________
(١) ينظر : الاستراباذى على الكافية لابن الحاجب. ١ ـ ٢٥٠ ، ٢٥١ / ارتشاف الضرب ٢ ـ ٣١٥.