كالابتداء. وإنما أثر الفعل فى المستثنى بوساطة (إلا) ، فهو على هذا مشبه بالمفعول به. فإذا قلت : جاء الجميع إلا محمدا ، فإن ناصب (محمد) هو الفعل (قام) بوساطة حرف الاستثناء (إلا). وعند ما تقول : ما فى الحجرة أحد إلا عليّا ، فإن ناصب (على) هو الابتداء الذى رفع (أحدا) بواسطة (إلا).
وأصحاب هذا الرأى يجعلون الناصب هو الفعل الموجود ـ متعديا كان أم لازما ـ حيث يقوى باعتماده على (إلا) ، فتعدى إلى المستثنى ، فنصبه.
ب ـ وفريق آخر ـ وعلى رأسهم ابن خروف ـ يسير على نهج هؤلاء ؛ إلا أنهم يجعلون الفعل المتقدم عاملا ناصبا بدون وساطة (إلّا) ، وذلك كنصب العامل لـ (غير) بلا واسطة. فإذا قلت : قام القوم إلا زيدا ، فإن الناصب هو الفعل بلا وساطة (إلا) ، كما تقول : قام القوم غير زيد.
ج ـ ويذهب نحاة إلى أن ناصب المستثنى إنما هو (إلا) نفسها ، دون ما سبقها ، ودونما تأويل لها ، أو تقدير بعدها ، وإليه ذهب ابن مالك ، ونسبه إلى سيبويه والمبرد.
د ـ يذهب طائفة أخرى من النحاة ـ وعلى رأسهم الزجاج وبعض الكوفيين ، وينسب إلى المبرد ـ إلى أن عامل النصب فى المستثنى إنما هو (إلا) النائبة عن الفعل (أستثنى). فإذا قيل : أتانى المدعوون إلا سميرا ، فإن ناصب سمير إنما هو الفعل أستثنى الذى ناب منابه (إلا) ، والتقدير : أتانى المدعوون أستثنى سميرا.
ويردّ على هؤلاء بأنه إذا قلت : «قام القوم غير زيد ، فإن (غير) منصوب بما انتصب به (زيد) فى قوله : قام القوم إلا زيدا ، فإن كان منصوبا بأستثنى بطل المعنى ، فإنه إذا قيل : أستثنى غير زيد ، فيكون المستثنى ليس بزيد ، وزيد هو المستثنى» (١).
وأصحاب الرأى السابق يرون أن الوساطة فى مثل هذا ، أى : غير ، إنما هو معنى (إلا) الذى تضمنته (غير) ، فـ (غير) منصوبة بالفعل بوساطة ما تضمنته من معنى (إلا) ، ولا بد من وساطتها إما لفظا ومعنى ، أو معنى لا لفظا.
__________________
(١) المنتخب الأكمل ١ ـ ١٠٣.