ـ وإذا كان الضمير عائدا إلى المجرمين فقط فإنه يكون استثناء منقطعا ، ويكون الاسم الموصول فى محل نصب على الاستثناء عند الحجازيين والتميميين ، ويجوز أن يكون بدلا من الواو فى محل رفع عند تميم.
* * *
فى قوله تعالى : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [الأنعام : ٥٩]. توالى استثناءان : أولهما : «إلا يعلمها» ، وثانيهما : (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ، وليس أىّ منهما مستقلا عن الآخر.
أما الأول فإنه فى محل نصب ، حال من (ورقة) ؛ لأنه استثناء مفرغ. وجاز أن يكون حالا من النكرة لأنها خصصت بالنفى و (من) الاستغراقية. وجاز أن تجعل الجملة فى محل رفع أو جر نعتا لورقة ؛ لأن (ورقة) فاعل (تسقط) مرفوع مقدرا ، وهو مسبوق بمن الزائدة الجارة.
وأما الثانى فإنه يكون توكيدا للاستثناء الأول ؛ لأن (فى كتاب مبين) يؤدى معنى (يعلمها) (١).
أما قراءة الرفع فى (حبة ، ورطب ويابس) فإنها توجه الاستثناء الثانى على أنه خبر للمبتدإ : (حبة ورطب ويابس) ، أو أنه توكيد للأول على أن يعرب الثلاثة معطوفات على محل (ورقة) ، وهو الرفع. لكننى أرى ـ والله أعلم ـ أن الإسقاط يتلاءم مع الورقة ، أما الحبة فى ظلمات الأرض والرطب واليابس فيتلاءم معها الوجود والثبوت والخلق ، وهذا فى كتاب مبين.
* * *
فى قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) [الزخرف : ٢٦ ، ٢٧]. الاسم الموصول (الذى) بعد (إلا) فيه أوجه :
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ ـ ٨٠.