أما إذا قلت : على التمرة مثلها ، فإن طرفى المماثلة لم يكتملا ، حيث لم يذكر إلا طرف واحد وهو (التمرة) التى قدّر بقدرها شىء آخر ، يحتاج إليه التركيب ، وهو ما يميز أو يوضح أو يحدد جهة المماثلة المقدرة بالتمرة ، فتقول : زبدا ، ليكون (زبدا) منصوبا على التمييز للمماثلة ، ولتتمم طرفى المماثلة.
ومن أمثلة ذلك قولك : لى مثلها إبلا وشاء ، عندى غيره كتابا ، اشترى مثله قلما ، أتانى غيره ضيفا ، سأطالب بغيره حكما. تجد أن (مثل وغير) فى الأمثلة لهما موقعهما الإعرابىّ فى الجملة ، فهما على الترتيب : (مبتدأ مؤخر ، ومبتدأ مؤخر ، ومفعول به ، وفاعل ، ومجرور بالباء) ، أما ما بعدهما : (إبلا وشاء ، كتابا ، قلما ، ضيفا ، حكما) فهو منصوب على التمييز.
تلحظ إضافة : (مثل وغير) إلى ضمير المقدر به المفسّر بالتمييز المنصوب ، فتمام الاسم فى المماثلة والمغايرة هو الضمير الذى أضيف إليه (مثل وغير) ، أما (مثل وغير) فهما المميّزان لأنهما مقدار فى المعنى.
من ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم : «لا تسبّوا أصحابى ، فو الّذى نفسى بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» (١). حيث (ذهبا) تمييز لـ (مثل) ، لأنه شبيه بالمقدار ، أى : مقدار أحد ذهبا.
٧ ـ تمييز المفرد المبين للنوع :
مما يستخدم تمييزا للمفرد ؛ وليس دالّا على مقدار يفيد الوزن أو الكيل أو المساحة أو شبه ذلك ؛ أن تقول : عندى خاتم حديدا ، للقاعة باب خشبا ، ...
إلخ. فكلّ من (حديد وخشب) منتصب على أنه تمييز لخاتم وباب ، وليس كلّ منهما دالا على مقدار ، وإنما هو مبين لأصل مميزه ، فالعلاقة بين المميّز والتمييز إنما هى بيان للأصل أو النوع.
ومن النحاة من يجعل (حديدا وخشبا) فى موضعيهما حالا.
ومنه كذلك : هذه جبة صوفا ، وهذا قميص حريرا ، اشترى ساعة ذهبا ، وخاتما فضة ، للحديقة باب صاجا.
__________________
(١) مختصر سنن أبى داود : ٧ ـ ٣٤ / باب النهى عن سب أصحاب الرسول صلّى الله عليه وسلّم.