ويمثل لوقوع صاحب الحال نكرة بعد النفى بقول الراجز :
ما حمّ من موت حمى واقيا |
|
ولا ترى من أحد باقيا (١) |
حيث نصب (واقيا) على الحالية من (حمى) وهو نكرة ، لكنها سبقت بالنفى (ما) ، فقربت من المعرفة ، حيث شمل معناها الاستغراق والشمول.
وإذا احتسبنا (ترى) بصرية فإن (باقيا) تكون حالا من النكرة (أحد) ، وقد شملت الاستغراق والشمول ، حيث سبقت بأداة النفى (لا) ، كما أنها سبقت بحرف الجر الاستغراقىّ (من).
ومن مجىء الحال من صاحبها النكرة قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) [الشعراء : ٢٠٨] ، حيث إن الجملة الاسمية (لها منذرون) فى محل نصب على الحالية من النكرة (قرية) ، وقد سوغ مجىء صاحب الحال نكرة فى هذا الموضع سبقه بحرف النفى (ما).
ومنه قوله تعالى : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) [الأنعام ٥٩] ، حيث الجملة الفعلية (يعلمها) فى محلّ نصب على الحالية من النكرة (ورقة) ، وتلحظ سبق صاحب الحال بحرف النفى (ما) وحرف الاستغراق الزائد (من).
ومثال النكرة التى سبقت بنهى ، فتخصصت ، فقربت من المعرفة ، فصحّت صاحبا للحال قول قطرى بن الفجاءة ، وينسب للطرماح :
لا يركنن أحد إلى الإحجام |
|
يوم الوغى متخوّفا لحمام (٢) |
__________________
(١) (حم) فعل ماض مبنى على الفتح مبنى للمجهول. (من موت) شبه جملة متعلقة بـ (واقيا) ، (حمى) نائب فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر. (لا) حرف نفى مبنى ، لا محل له من الإعراب ، (ترى) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة ، وفاعله مستتر تقديره : أنت. قد تحسب ترى بصرية فتحتاج إلى مفعول واحد ، وقد تحسب علمية فتحتاج إلى مفعولين. (من) حرف جر زائد مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أحد) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ، (باقيا) منصوب على الحالية من أحد حيث ترى بصرية ، أو منصوب على أنه مفعول به ثان لترى العلمية.
(٢) ينظر : شرح ابن عقيل ٢ ـ ٢٦٢ / المساعد ٢ ـ ١٨ / شرح ابن الناظم ٣٢٠ / شرح التصريح ٢ ـ ٣٧٧ / معجم الشواهد العربية ١ ـ ٣٧٦.