حيث جرّ تمييز التعجب (قوام) بـ (من) الجارة ، والأصل : يا حسنه قواما ، ثم عطف على مجرور (من) بالمنصوب (منتقبا) ، بما يدللون به على أن (من) زائدة ، وموضع مجرورها النصب.
كما أنهم يستدلون على كونها للتبعيض أنها لا تزاد فى المحول عن الفاعل فى مثل : (طاب نفسا) ؛ لأن (نفسا) ليست أعمّ من الفاعل ، ويعترض عليه بأنّ (من) الجارة لا تزاد إلا فى منفىّ.
ومنهم من يرى أنها لبيان الجنس ، وهذا هو الرأى الأرجح لديهم. ذلك لأنّ التمييز يكون نكرة مجردة ، وصفته البنيوية هذه تتلاءم مع صفات ما يدل على الجنس. كما أن التمييز ـ دلاليّا ـ لا يراد بمفهوم لفظه الدالّ عليه فى التركيب سوى بيان جهة دلالية عامة فى المبهم الذى يميزه ، وليست جهة دلالية خاصة به ، فكان ذلك أكثر تلاؤما مع دلالة الجنس ، وتسمى حينئذ (من) البيانية.
المواضع التى يمتنع فيها جر التمييز بـ (من):
يمتنع جرّ التمييز بـ (من) فى مواضع ؛ هى :
أ ـ تمييز العدد :
يمتنع جرّ تمييز العدد بمن ، ويجوز جرّ تمييز المساحة والكيل والوزن به ، فتقول :زرعت فدانا من قمح ، واشتريت كيلة من أرز ، وبعته قنطارا من قطن ، فتجرّ التمييز (قمح ـ أرز ـ قطن) بـ (من) ؛ لأنه تمييز لمساحة وكيل ووزن ، ولا يجوز ذلك فى العدد. يعلل لذلك بأن (من) المبينة هذه تفسّر مع مصحوبها اسم جنس سابقا عليها ، بحيث يحمل ما بعدها على ما قبلها معنويّا ، وتمتنع فى تمييز العدد لعدم صحة حمل ما بعدها على ما قبلها ، فالعدد متعدد ، وتمييزه مفرد فى مثل :خمسة عشر رجلا ....
ويبدو أن ذلك إنما لأن المساحة والكيل والوزن تكون لأشياء غير معدودة ، أما العدد فإنه يكون لأشياء معدودة ، والمعدود يكون محدد النهاية ، فلا يحتمل (من) الابتدائية التى لا تدلّ على انتهاء. أما معناها فإنه يتلاءم مع الأشياء غير المعدودة.