أما التمييز فإنه لا يكون مؤكدا لعامله ولا لمميّزه ، لكنه قد يكون مؤكّدا لمفهوم ما فى جملته ، كما ذكرنا سابقا.
ـ أما ما يذكرونه من أن الحال قد يتوقف عليها المعنى فى الجملة ، وليس التمييز كذلك ؛ فإن هذا مردود بما يذكر فى هذه القضايا والملحوظات المتفرقة ، حيث يتبين أنّ المعنى قد يتوقف على التمييز كذلك. وقد بينا ذلك فى توقّف المعنى على التمييز فى الصفحات السابقة.
ثانيا : ما يخص بنية كلّ منهما :
ـ قد تأتى الحال فى التركيب اسما وجملة وشبه جملة ، لكن التمييز لا يكون إلا اسما فقط. فتقول : حضر المدرس مبكرا وهو يحمل حقيبته تحت إبطه. حيث كل من الاسم المنصوب (مبكرا) ، والجملة (هو يحمل) ، وشبه الجملة (تحت إبطه) وهما فى محل نصب ، حال من (المدرس ، المدرس ، الفاعل الضمير المستتر فى يحمل). فأنت ترى أن الحال وردت اسما وجملة وشبه جملة.
ولكنك تقول : زرعت ثلاثة أفدنة قمحا ، حيث كل من (أفدنة ، وقمحا) تمييز ، وكلّ منهما اسم ، ولا يكون التمييز إلا اسما.
ـ الحال أصلها أن تكون مشتقّة لتتضمّن صاحبها ، والصفة التى تراد له أن يكون عليها ، فتقول : أقبل مسرعا ضاحكا مفتونا بما حوله حذرا منه ... فكل من : (مسرعا ، ضاحكا ، مفتونا ، حذرا) حال منصوبة ، وهى مشتقة : (اسم فاعل ـ اسم فاعل ـ اسم مفعول ـ صيغة مبالغة).
لكن التمييز أصله أن يكون اسما جامدا ، فتقول : حضر خمسة عشر فردا ، منهم تسعة رجال ، وثلاث نساء ، وثلاثة أطفال ، فكل من : (فردا ـ رجال ـ نساء ـ أطفال) تمييز ، وكلها أسماء جامدة.
والحال والتمييز قد يتخالفان فى هذه الصفة ، فقد تأتى الحال اسما جامدا ، نحو : هذا ثوبك قطنا ، وأعبد الله وحده ، ادخلوا الأول فالأول ، مالت خوط بان.
فكل من (قطنا ، وحد ـ الأول ـ خوط) حال منصوبة ، وهى أسماء جامدة ، وإن كان جمهور النحاة يؤولونها بالمشتق.