حيث جعل الشاعر العدد (ثلاثا) مذكرا ، مع أن تمييزه المضاف إليه (شخوصا) مذكر ، فكان حقّه التأنيث ، لكن المقصود عند الشاعر بالتمييز التأنيث ، فالشخص يكون دلاليا للذكر والأنثى ، وقد قوى اتجاه المعنى للتأنيث بالتصريح بالمؤنثين (كاعبان ومعصر) ، فلذلك ذكّر العدد.
ومثله قول النوّاح الكلبى :
وإنّ كلابا هذه عشر أبطن |
|
وأنت برىء من قبائلها العشر (١) |
(أبطن) تمييز مذكر للعدد (عشر) المذكر ، ذلك لأن التمييز قد فصّل بقوله :(قبائلها العشر) ، والقبائل مؤنثة ، فجاء العدد مذكرا لهذا التفصيل.
ومثل ذلك أن يكون اللفظ مؤنثا علما ومدلوله مذكر ، أو نقيض ذلك ، فيكون الاحتساب للمدلول ، فتقول : أربعة من الطلحات ، وست من الهنود.
قد يغلب الاستعمال المعنوىّ الاجتماعى من حيث تذكير اللفظ وتأنيثه ، وإن لم يوجد متعلق يقويه ، ففى قول الحطيئة :
ثلاثة أنفس وثلاث ذود |
|
لقد جار الزمان على عيالى (٢) |
أنث الشاعر العدد (ثلاثة) مع أن تمييزه (أنفسا) جمع (نفس) مؤنث ، فكان حقّ العدد التذكير ، لكنه أنث العدد على الاستعمال الشائع لنفس ، وهو إنسان ، والإنسان مذكر ، أو حملا لها على معنى : شخص ، وقد يقال : ثلاث أنفس ، فتسقط التاء مراعاة للّفظ.
__________________
(١) الكتاب ٢ ـ ١٧٤ / المقتضب ٢ ـ ١٤٨ / الخصائص ٢ ـ ٤١٧ / شرح ابن الناظم ٧٢٩. (الواو) بحسب ما قبلها. (إن) حرف توكيد ونصب مبنى ، لا محل له من الإعراب. (كلابا) اسم إن منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (هذه) اسم إشارة مبنى فى محل نصب ، صفة لكلاب. (عشر) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أبطن) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (الواو) استئنافية حرف مبنى ، لا محل له من الإعراب. (أنت) ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (برىء) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (من قبائلها) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة متعلقة بالبراءة. (العشر) صفة لقبائل مجرورة ، وعلامة جرها الكسرة.
(٢) الكتاب ٢ ـ ١٧٥ / الخصائص ٢ ـ ٢١٤ / شرح التصريح ٢ ـ ٢٧٠ / الهمع ١ ـ ٢٥٣ ، ٢ ـ ٢٤٩ / الخزانة ٣ ـ ٣٠١.