حيث الضمير فى (شفاعتهم) دالّ على الجمع إما باعتبار لفظ (ملك) جمعا ، وإما باعتبار (كم) ، فهى دالة على الكثرة. وقرئت (شفاعته) بالإفراد اعتبارا للفظى (كم وملك) مفردين ، وقرئت (شفاعاتهم) اعتبارا للجمع. و (كم) فى الآية الكريمة اسم دال على الكثرة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ ، وخبره الجملة الفعلية : (لا تغنى شفاعتهم).
أما قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) [الأعراف : ٤]. ففيه ورد الضمير العائد على تمييز (كم) مرة بالإفراد فى (أهلكناها ، فجاءها) ، وأخرى بالجمع فى : (هم قائلون). و (كم) اسم يفيد الكثرة مبنى فى محلّ رفع مبتدأ (١) ، خبره الجملة الفعلية (أهلكناها) ، وتمييزه المجرور (قرية).
الفصل بين (كم) الخبرية وبين مميزها :
لا يفصل بين (كم) الخبرية وبين مميزها إلا ضرورة. وقد ذكرنا أنه يجوز الفصل بينهما بشبه الجملة ـ ظرفا أو جارا ومجرورا ، لكنه يختار ـ حينئذ ـ نصب المميّز ، فتقول : (كم فى الدار رجلا) ، وأنت تقصد الكثرة ، لتكون (كم) خبرية ، فتنصب تمييزها ، لأنك قد فصلت بينها وبين تمييزها ، ويقبح الفصل بين المضاف والمضاف إليه ؛ لأنهما بمثابة الكلمة الواحدة ، فلما كان الفصل بينهما عدلوا إلى لغة من ينصب تمييز (كم) الخبرية ، وهم بنو تميم. من ذلك قول زهير يمتدح سنانا :
__________________
اسم موصول مبنى فى محل جر باللام ، وشبه الجملة متعلقة بالإذن. (يشاء) فعل وفاعل مستتر ، والجملة صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب. (ويرضى) حرف عطف ، وجملة فعلية معطوفة على جملة يشاء لا محل لها.
(١) قد تعرب (كم) مبنية فى محل نصب مفعول به على الاشتغال ، والتقدير : وكم من قرية أهلكنا أهلكناها ، فيقدر الفعل بعدها ، حيث لها الصدارة ، ويفسر بالفعل المذكور. (بأس) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (بياتا) مصدر واقع موقع الحال منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، والتقدير : بائتين. (أو) حرف عطف مبنى لا محل له. (هم قائلون) جملة اسمية فى محل نصب بالعطف على (بيات).