حيث (شتّان) اسم فعل ماض مبنى على الفتح ، لا محل له من الإعراب ، (هذا) اسم إشارة مبنى فى محل رفع ، فاعل ، (والعناق) عاطف ومعطوف على الفاعل.
و (شتان) يستلزم فاعلا مكونا من جزأين ؛ لأن التفرق والتباعد يكون بين شيئين ، كما نرى فى البيت السابق ، حيث الفاعل معطوف ومعطوف عليه.
ويصح أن يكون الفاعل ما يدل على بعد بين طرفين ، فإذا كان واحدا فهو واحد بين شيئين ، ويعدّ بمثابة جزأين ، ومن ذلك قول ربيعة الرقى :
لشتّان ما بين اليزيدين فى الندى |
|
يزيد سليم والأغرّ بن حاتم (١) |
حيث الفاعل اسم موصول (ما) ، وهو يدل على بعد بين شخصين.
وكان الأصمعى ينكر ما جاء على مثال : شتان ما بين زيد وعمرو ، لكنه يمكن قبول ذلك طبقا للتفسير السابق ، واحتجاجا بقول الشاعر المذكور ، واستحضارا للجانب الدلالى الذى يؤديه التركيب ، وملاءمته للدلالة الذاتية لشتان. يذكر ابن يعيش : «والقياس لا يأباه من جهة المعنى ؛ لأنه إذا تباعد ما بينهما فقد تباعد كلّ واحد منهما من الآخر» (٢).
وأنبه إلى أن التثنية تتحقق فى فاعل (شتان) أو فى متعلقه عن طريق التثنية الصريحة ، أو العطف بالواو ، لكن استخدام حرف عطف غير الواو لا يصح.
ومثل ما سبق قول الأعشى (ميمون بن قيس) :
شتّان ما يومى على كورها |
|
ويوم حيّان أخى جابر (٣) |
__________________
(١) الكامل ١ ـ ٢٧٠ / الأغانى ١٤ ـ ٣٨ / شرح المفصل لابن يعيش ٤ ـ ٣٨ / شرح الشذور ، رقم ٢١٥.
(٢) شرح المفصل ٤ ـ ٣٨.
(٣) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٧٥ / شرح ألفية ابن معطى ٢ ـ ١١٦٠ / شرح المفصل ٤ ـ ٣٧ / المقرب ـ ١ ـ ١٣٣ شرح الشذور ٤٠٣ / شرح التصريح ٢ ـ ١٩٩.
الكور : الرحل ، والضمير يعود على الناقة. والمعنى : أن يوميه لا يستويان. اليوم الأول يوم ركوبه الناقة ، والآخر وهو بجوار حيان ، فبينهما افتراق ، الأول سفر وتعب والثانى لهو ومرح.