ثانيا : إعمال المصدر فى صوره الثلاث :
لم يتفق النحاة اتفاقا كاملا على إعمال أى نوع من أنواع المصادر فى صوره الثلاث : مضافة ، ومنونة ، ومعرفة بالأداة.
والمصدر فى هذه الصور التركيبية أو البنيوية إنما هو مصدر متصرف فى التركيب ، حيث يتنوع بين المصدرية وغيرها من المواقع الإعرابية المحتملة ، وغير المخالفة لقوانين التركيب.
وهم فى تعليلهم لآرائهم لا يكادون يتفقون على المعوّل الرئيس للإعمال وعدمه ، فقد تستخدم الاسمية أداة للقبول ، ومعولا للمنع ، وقد يكون التنوين سبيلا إلى المتناقضين ، كما تكون أداة التعريف والإضافة كذلك.
وقد ورد التراث اللغوى حافظا بين مأثوراته ، وناقلا إلينا إعمال المصدر فى صوره الثلاث ، عدا كونه مؤكدا ، أو مبينا لمرات الفعل ، أو علما على المصدرية ، ولكن الاستعمال فى اللغة ينطوى على نسبة شيوع غير محفوظة بين ثلاث الصور ، ذلك لصعوبة فى الاستخدام اللغوى ، من حيث النطق والأداء الصوتى ، واللبس فيما إذا كان المصدر معرفا ، بدرجة أقلّ فى الصعوبة واللبس إذا كان منونا ، وبدرجة تكاد تنعدم فيما إذا كان مضافا ؛ لذا كانت درجات الشيوع مطردة طردا عكسيا مع درجات الصعوبة فى النطق والأداء الصوتى ووجود اللبس.
ثالثا : درجات قياسية إعمال المصدر :
يجعل النحاة ـ معظمهم ـ المصادر على ثلاث مراتب فى الإعمال ، وقياسيته (١) :
الأولى : للمنون ؛ لأنه يكون نكرة كالفعل ، وهو مشبه به فى الإعمال ، والمنون يكون نكرة لفظا ومعنى.
والثانية : للمضاف ؛ لأنه مشبه للفعل معنى ، من حيث إن الإضافة فى نية الانفصال ، لكنه يخالفه لفظا ؛ لأن ظاهره مشاكل لما يكون إضافته حقيقة.
__________________
(١) المقتصد فى شرح الإيضاح ١ ـ ٥٦٥ شرح ابن يعيش ٦ ـ ٥٩ ، ٦٠.