ومنه قول الشاعر :
قد جرّبوه فما زادت تجاربهم |
|
أبا قدامة إلا المجد والفنعا (١) |
حيث (تجارب) جمع المصدر (تجربة) قد أضيف إلى ضمير الغائبين ، وهو الفاعل ، ونصب المفعول به (أبا). والتقدير : أن جرّبوا أبا قدامة.
سادسا : إعمال المصدر جانب دلالى فى التركيب :
أرى أن إعمال المصدر واسم المصدر إنما ينبع من جانب دلالى ، لا تركيبى لفظى ؛ حيث إن المصدر يعمل متى كان دالا على الفعلية وهى الحدثية ، وأرى أنه فى هذا البناء ، أو فى هذا السياق الدلالى ، يتضمن حدثا وفاعله ، فهو بمثابة اسم الفعل ، واسم المفعول.
أى : يدلّ المصدر على إعمال ما قد حدث ، أو يحدث ، أو سيحدث.
لذلك فإن المصادر غير العاملة لا يكون فيها هذا الجانب الدلالى ، إذ إن المصدر المؤكد إنما هو تكرار لحدث سابق مذكور. داخل فعل وفاعل ، فليس المقصود منه إعمال عمل ، وإنما الإعمال المقصود يذكر فيما سبق هذا المؤكد ، وهو الفعل.
والمصدر المبين للعدد لا يؤتى به للإعمال ، وإنما ليبين عدد مرات الفعل السابق.
إذن ؛ فهو ليس معبرا عن حدث ما وإنما يكون لغرض دلالى معين.
والمصادر الأعلام كالأسماء الأعلام لا يصحّ لها أن تعمل ؛ لأنها قد وضعت لدلالة خاصة لا تحيد عنها ، وهى المصدرية. كما أن ألفاظ الأعلام إنما وضعت للدلالة على العلمية ـ لا غير.
فالأعلام : (محمّد ، ومحمود ، وتأبّط شرّا ، وينقل ، وينبع ... إلخ) لا تعمل بوضعها البنيوى ، والذى يختلف بين اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والجملة ، والفعل ، وذلك لنقلها من هذه الأصول البنيوية إلى دلالة أخرى ، وهى العلمية.
__________________
(١) الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٢٨٧. تجاربهم : جمع تجربة ، الفنع : الخير ، والكرم ، والفضل ، والثناء.