وقد وردت أمثلة كثيرة لترك الواو فى مثل هذا التركيب.
مثال ربط الحال الجملة الاسمية وصاحبها بالضمير دون ذكر الواو ، قوله تعالى : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) [البقرة ٣٦](١). الجملة الاسمية (بعضكم لبعض عدو) فى محل نصب على الحالية من الفاعل (واو الجماعة) فى (اهبطوا) ، والرابط بينها وبين صاحبها ضمير المخاطبين فى (بعضكم) الراجع إلى صاحب الحال ، ولا داعى للقول بأن واو الحال الرابطة محذوفة ؛ لأن الضمير رابط ، وإن كانت الواو فى الحال الجملة الاسمية أكثر ربطا.
قد تحتسب الجملة الاسمية فى هذا الموضع استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
ـ فى قوله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠]. الجملة الاسمية (وجوههم مسودّة) فيها قراءتان (٢) :
أولاهما : برفع الجزأين ، وفيها وجهان إعرابيان :
أ ـ أنها فى محلّ نصب على الحالية من الاسم الموصول (الذين) ، حيث إن الرؤية بصرية ، ومن النحاة من يرى أن حذف واو الحال هنا حسن كراهة اجتماع الواوين. وذهب آخرون ـ منهم الزجاج وابن عصفور ـ إلى أنه لا يشترط فيها الواو ، والربط بالضمير هنا يكون كافيا ، وأنت فى الإتيان بها وتركها بالخيار ، فتقول : جاءنى زيد وأبوه قائم ، أو : بترك الواو (٣).
ب ـ أن تكون فى محلّ نصب على أنها مفعول به ثان للرؤية ، حيث إنها قلبية.
__________________
(١) (اهبطوا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (بعضكم) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير المخاطبين مبنى فى محل جر بالإضافة. (لبعض) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بعدو. (عدو) خبر المبتدإ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. والجملة الاسمية فى محل نصب على الحالية.
(٢) ينظر : الدر المصون : ٦ ـ ٢١.
(٣) ينظر : المقرب ١ ـ ٥٣ / شرح القمولى للكافية ٢٢١.