كما جعل التركيب الشرطىّ المقرون بهمزة الاستفهام حالا فى قوله تعالى : (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) [البقرة : ١٧٠].
حيث يذكر : «الواو واو الحال ، والهمزة بمعنى الردّ والتعجيب ، معناه : أيتبعونهم ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا من الدين ، ولا يهتدون للصواب» (١).
وبين المتقدمين خلاف فى هذه الواو الواقعة فى مثل هذا الموقع بعد همزة الاستفهام ، ويمثله وجهان :
أولهما : ما ذهب إليه الزمخشرى من أنها واو الحال (٢).
والآخر : ما ذكره ابن عطية من أنها واو العطف (٣).
والخلاف بينهم قائم كذلك فى الموضع اللفظىّ للهمزة الموجودة ، بين ما ذهب إليه الزمخشرى من أنه يقدر بعدها جملة ، وهى مذكورة فى المنقول السابق ، وبين ما ذهب إليه ابن عطية من النية بها التأخير عن حرف العطف ، ولكن أبا حيان قد جمع بين الرأيين (٤) ، حيث يجعل الواو عاطفة على حال مقدرة ، والمعطوف على الحال حال ، فصحّ أن يقال إنها للحال من حيث عطفها جملة حالية على حال مقدرة ، وصحّ أن تكون للعطف من حيث هذا العطف.
وأنت ترى أن التركيب الشرطى فى محل نصب ، حال فى كل وجه ، فيذكر ابن عطية : «أن غاية الفساد فى الالتزام أن يقولوا : نتّبع آباءنا ولو كانوا لا يعقلون ، فقرّروا على التزامهم هذا ، إذ هذه حال آبائهم» (٥).
ويؤكد أبو حيان أن الجملة المصحوبة بـ (لو) فى مثل هذا السياق جملة شرطية ، «فإذا قال : اضرب زيدا ولو أحسن إليك ، فالمعنى : وإن أحسن ، وكذلك : «أعطوا
__________________
(١) المرجع السابق ١ ـ ٨٣.
(٢) المرجع السابق.
(٣) المحرر الوجيز ٢ ـ ٦٣.
(٤) البحر المحيط ٢ ـ ١٠٤.
(٥) المحرر الوجيز ٢ ـ ٦٣.