ففى حال الصفة وقعت الرؤية على محمد الذى هو راكب ، ولكنه فى الحال وقعت الرؤية على محمد حينما كان راكبا ، فالرؤية فى حال الصفة مطلقة على محمد ، ولكنها فى حال الحال مقيدة بالركوب.
وأنت تأتى بالصفة لتفرق بين الموصوف بها وغيره ممن يماثله. وتأتى بالحال لتبين هيئة صاحبها أثناء ارتباطه بحدث ما.
من هنا كان الفرق المعنوىّ بين الصفة والحال ، وهو ما أدّى إلى الفرق فى المبنى من حيث التعريف والتنكير.
هذا إلى جانب أن هناك فرقا معنويا بين صاحب الحال والموصوف ، حيث إن صاحب الحال مقصود بذاته فى معناه فى الجملة ، أما الموصوف فإنه لا يقصد فى المعنى بذاته دون اعتبار صفته معه ، فكأن صاحب الحال منفصل عن الحال ، وليس كذلك الموصوف مع صفته ، وإنما كانت الحال لتبين كيف كان الحدث مع صاحبها ، وما دامت علاقتها بالحدث علاقة أكيدة أوجب ذلك أن تكون نكرة ؛ لأن فيها معنى المصدرية ، أى الحديثة مع فاعلها ، أو مفعولها ، أو غيرهما ، والمصدرية تنكير ، فالحال بمثابة الحدث ، فتقدير : جاء محمد راكبا ، أى : يركب ، أو : وهو يركب ، أو : وقد ركب ... لذا كانت الحال نكرة.
فإذا ورد مبنى الحال معرفة فإن النحاة يؤولونها بالنكرة ، «محافظة على ما استقرّ لها من لزوم التنكير» (١) ، ويجعل جمهور النحاة الحال التى تأتى فى مبنى المعرفة ليست معرفة ، وإنما هى فى صورة المعرفة ، وقد تأتى الحال معرفة سواء أكانت مصدرا أم جامدا غير مصدر.
ومن الأحوال التى جاءت معرفة وأوّلت بالنكرة :
ـ جاء وحده ، أى : منفردا ، أعبد الله وحده ، وما ورد فى حديث أبى ذرّ أنه يمشى وحده ، ويموت وحده (٢).
__________________
(١) ينظر شرح التصريح : ١ ـ ٣٧٣.
(٢) (وحده) منصوب على الحالية فى جميع كلام العرب إلا فى خمسة مواضع ، فإنه يخفض فيها بإضافته إلى ما قبله ، وهى :