وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَيَحْيى مَنْ حَيَ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الأنفال : ٤٢] قال الفرّاء : كِتَابُها على الإدغام بياءٍ واحدةٍ وهي أكثرُ القراءة.
وقال بعضهم حَيِيَ عن بيّنَةٍ بإظهارهما. قال : وإنما أدْغَمُوا الياءَ مع اليَاءِ ، وكان ينبغي أن لا يفعلوا لأن الياء الآخِرَةَ لزمها النصبُ في فعلٍ فأدغموا لَمّا الْتَقَى حَرْفَانِ متحرِّكَانِ من جنسٍ واحِد. قال ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللّازمة للياةء الآخِرة. فتقول حَيَّا وحَيِيَا ، وينبغي للجميع أن لا يُدْغَم إلا بِيَاءٍ لأن ياءَها يصيبُها الرفعُ وما قبلها مكسورٌ فينبغي لها أن تسْكُنَ فتسقط بِواوِ الجَمْعِ ، وربّما أظهرت العربُ الإدغَامَ في الجمع إرَادَة تأليفِ الأفْعَال وأن تكون كلُّها مشدّدة فقالو في حَيِيتُ حَيُّوا وفي عَيِيتُ عَيُّوا قال : وأنشدني بعضهم :
يَحْدِنَ بنا عَنْ كُلِ حَيٍ كأنَّنَا |
أَخَارِيْسُ عَيُّوا بالسَّلَامِ وبالنَّسَبْ |
قال : وقد أجمعت العرَبُ على إدغام التحيّة لحركة الياء الآخِرة كما استحبوا إدغام حَيّ وعَيّ للحركة اللّازمة فيها. فأمّا إذا سكنت الياء الأخيرة فلا يجوز الإدغامُ مثل يُحْيِي ويُعْيِي. وقد جاء في بعض الشعر الإدْغَامُ وليس بالوجْه. قلت : وأنكر البصريون الإدغام في مثل هذا الموضع ولم يَعْبأ الزجّاج بالبيت الذي احتجّ به الفرّاء وقال : لا يعرف قائله.
وكأَنّها بينَ النِّسَاءِ سَبِيكَةٌ |
تَمْشِي بِسُدَّةِ بَيْتِها فَتُحَيَ |
حدثنا الحسين عن عثمان بن أبي شَيْبَة عن أبي معاوية عن إسماعيل بن سُمَيعْ عن أبي مالك عن ابن عباس في قول الله : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) [النّحل : ٩٧] قال هو الرِّزْقُ الحلالُ في الدُّنْيَا (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [النّحل : ٩٧] إذا صارُوا إلى الله جَزَاهم أجرهم في الآخرة بأحسنِ ما عملوا.
ثعلب عن ابن الأعرابي الحَيُ : الحقُّ واللَّيُّ الباطِلُ ومنه قولهم : هو لا يَعرِف الحَيَ من اللَّيِّ وكذلك الحوُّ من اللَّوِ في المعنيين. قال : وأخبرني المنذريّ عن ابن حَمُّويَةَ ، قال سمعت شمراً يقول في قول العرب فلان لا يعرف الحَوَّ من اللَّوِّ الحَوُّ نَعَمْ واللَّوُّ : لو قال ، والحَيُ الحَوِيّةُ واللَّيُّ لَيُّ الحَبْلِ أي فَتْلُه يُضرب هذا لِلأَحمق الذي لا يعرف شيئاً.
قال والحيُ فَرْج المرأة ، ورأى أعرابيٌ جهازَ عَروسٍ فقال : هذا سَعَفُ الحَيّ أي جهازَ فَرْجِ امرأةٍ. قال : والحيُ كلُّ متكلِّم ناطق. قال والحَيّ من النَّبَات ما كان طرِيّاً يهتزُّ ، والحيُ الواحِدُ من أَحْيَاءِ العرب. قال والحِيّ بكسر الحاء جمع الحياة وأنشد :
ولو ترى إذا الحياةُ حِيّ
قال الفرّاء كسروا أَوّلها لئلا يتبدل الياءُ واواً كما قالوا بِيضٌ وعِينٌ. قال الأزهري : الحيُ من أَحْياءِ العرب يقع على بني أبٍ كَثُروا أم قلّوا ، وعلى شَعْبٍ يجمع القبائل من ذلك قول الشاعر :