وتقول : هل كان كذا وكذا؟ وهل لك في كذا وكذا؟ قال : وقول زهير :
أَهَلْ أَنْتَ وَاصِلُه
اضطرار ، لأن هل حرف استفهام ، وكذلك الألف ، ولا يستفهَم بحرفي استفهام. وقال الخليل لأبي الدُّقَيْش : هلْ لكَ في الرُّطَبِ؟ قال : أَشَدُّ هَلْ وأوْحَاه ، فخفَّف ، وبعض يقول : أشدُّ الهلّ وأوحاه بتثقيل. ويقول : كل حرف أداةٍ إذا جعلت فيه ألفاً ولاماً صار اسماً فقوّي وثُقِّل ، كقول الشاعر :
إن لَيْتًا وإنَّ لَوَّا عَنَاءُ
قال الخليل : إذا جاءت الحروف الليّنة في كلمة نحو لَوْ وأشبها وأشباهها ثُقِّلت ، لأن الحرف اللين خَوَّارٌ أجوف ، لا بد له من حَشْوٍ يُقَوَّى به إذا جُعِل اسماً. قال : والحروف الصحاح القوية مستغنيةٌ بِجُرُوسها لا تحتاج إلى حشوٍ فتترك على حالها.
سلمة عن الفرّاء (هل) قد تكون جَحْداً وتكون خَبراً. قال : وقول الله : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) [الإنسَان : ١] من الخَبَر ، معناه : قَدْ أَتَى على الإنسان حِينٌ من الدَّهْر. قال : والجَحْدُ أن تقول : هل زلت تقوله ، بمعنى ما زلت تقوله. قال : فيستعملون هل ، تأتي استفهاماً ، وهو بابها ، وتأتي جحداً مثل قوله. وهَلْ يقدر أحدٌ على مثل هذا. قال : ومن الخبر قولك للرجل : هَلْ وَعَظْتُك؟ هل أعطيْتُك؟ تُقَرِّره بأنّك قد وعَظْتَه وأعطيْتَه. حُكِيَ عن الكسائيّ أنه قال : تقول : هَلْ زِلْتَ تقوله ، بمعنى ما زِلْتَ تقوله ، قال : فيستعملون هَلْ بمعنى ما. قال : ويقال : متى زِلْتَ تقول ذلك وكيف زلت ؛ وأنشد :
وهَلْ زِلْتُم تَأوِي العَشِيرَةُ فيكُم |
وتُنْبِتُ في أكنافِ أبْلَح خِضْرِمِ |
وقال الفرّاء : وقال الكسائي : هلْ تأتي استفهاماً ، وهو بَابُها ، وتأتي جَحْداً ، مثل قوله :
أَلَا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لذيذٍ بدائم
معناه : ألا مَا أخو عَيْشٍ. قال : وتأتي شَرْطاً ، وتأتي بمعنى قد ، وتأتي توبيخاً ، وتأتي أمْراً ، وتأتي تنبيهاً ، وقال : فإذا زِدْتَ فيها ألفاً كانت بمعنى التسكين. وهو معنى قوله «إذا ذُكِرَ الصالِحُون فحي هَلَا بِعُمَرَ» قال : معنى حيّ أسرِعْ بذكره ، ومعنى هلا ؛ أي : اسْكُنْ عند ذكره حتى تنقضي فضائله ؛ وأنشد :
وأَيّ حَصَانٍ لا يُقَالُ لها هَلا
أي : اسكني للزَّوْج ؛ قال : فإِن شدَّدْتَ لامها ، فقلت : هلَّا ، صارت بمعنى اللَّوْم والحضّ ، فاللَّوْمُ : على ما مضى من الزمان ، والحضُّ : على ما يأتي من الزمان ، ومن الأمر قوله جلَّ وعزَّ : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١] وأخبرني المنذريُّ عن ثعلب أنه قال : حَيَ هَلْ ؛ أي : أَقْبِلْ إليّ ، وربما حذف حيّ فقيل : هَلَا إليّ. وقال الزّجّاج : إذا جعلنا معنى (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) [الإنسان : ١] قد أتى على الإنسان ، فهو بمعنى ألَمْ يأتِ على الإنسان (حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ). أخبرني المنذريّ عن فهمٍ عن ابن سلام قال : سألت سيبويهِ