عن قوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) [يُونس : ٩٨] على أي شيءٍ نُصِبَ؟ قال : إذا كان معنى إلا لكن نُصِبَ. وقال الفرّاء في قراءة أُبيّ (فهلّا) وفي مصحفنا (فَلَوْ لا). قال : ومعناها أنهم لم يؤمنوا ثم استثنى قومَ يونس بالنصب على الانقطاع بما قبله. كأن قومَ يونس كانوا منقطعين من قومِ غيرهِ. وقال الفرَّاء أيْضاً : لو لا إذا كانت مع الأسماء ، فهي شرطٌ ، وإذا كانت مع الأفعال ، فهي بمعنى هلَّا ، لَوْمٌ على ما مضى وتحضيض لِمَا يأتِي. وقال الزّجّاج في قوله : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) [المنَافِقون : ١٠] معناه هلّا.
قال الليث : تقول : هَلّ السحابُ بالمطر وانهلّ بالمطر انْهِلالاً ؛ وهو شدة انصبابه ، ويتهلَّلُ السحابُ ببَرْقه ؛ أي : يتَلأْلأُ ، ويتهلّل الرجل فَرَحاً ؛ وقال زهير :
تَرَاهُ إذا ما جِئْتَهُ مُتَهَلِّلاً |
كأَنَّكَ تُعطِيهِ الذي أَنْتَ سَائِلُهْ |
قال : والهَلِيلَةُ : الأرض التي استُهِلّ بها المطر ، وما حواليها غيرُ ممطور ، قال : والهِلال : غُرَّةُ القمر حين يُهِلُّه الناس في أول الشهر. تقول : أُهِلَ القَمَرُ. ولا يقال : أُهِلَ الهلالُ. قلت : هذا غلط. وكلام العرب : أُهِلَ الهِلالُ. وروى أبو عبيد عن أبي عمرو : أُهِلَ الهلال واستُهِلّ ، لا غيرُ. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي : أَهَلَ الهلالُ واسْتَهَلَ وأهلّ الصبيُّ واستَهَلَ. وقال : الشهرُ الهلالُ بعينه. وقال شمر : أُهِلّ الهلالُ واستُهلّ ، قال واستَهَلَ أيضاً ، وشهر مستهِلٌ ؛ وأنشد :
وشهر مستهِلٌ بعدَ شَهْرٍ |
ويوم بعده يومٌ قريبُ |
قال أبو بكر : قال أبو العباس : سُمِّي الهلالُ هلالاً ، لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه. وأَهَلَ الرجلُ واستَهلَ : إذا رفع صوته ؛ وقول الشاعر :
غيرَ يَعْفُورٍ أَهَلَ به |
جَابَ دَفَّيْه عن القَلْبِ |
قيل في الإهلال : إنه شيء يعتريه في ذلك الوقت يخرج من جوفه شبيهٌ بالعُواء الخفيف ، وهو بين العواء والأنين ، وذلك من حاقِّ الحِرْص وشدّة الطلب وخوف الفَوْتِ. وانهلّت السماء منه يعني كلبَ الصيد إذا أُرسل على الظّبْي فأخذه. أبو زيد : استهلَّت السماء في أول المطر ، والاسم الهلَلُ. وقال غيره : هَلَ السحابُ : إذا قطَرَ قَطْراً له صوتٌ ، وأهَلَّه اللهُ ، ومنه انْهِلَالُ الدمع وانْهِلالُ المطر. وأخبرني المنذريُّ عن أبي الهيثم قال : يسمّى القمر لِلَيْلَتَيْن من أَوَّل الشَّهر هِلَالاً ، ولليلتين من آخر الشهر ليلة ستّ وسبع وعشرين هلالاً. ويسمّى ما بين ذلك قَمَراً ، ويقال : أَهْلَلْنَا الهِلَال واستهلَلْنَاه. وقال الليث : المُحْرِم يُهِلُ بالإحرام : إذا أوجب الحُرُم على نفسه ، تقول : أَهَلَ فلانٌ بعمرة أو بِحَجَّة ؛ أي : أَحْرَمَ بها ، وإنما قيل للإِحرام إِهْلالٌ ، لأن إحرامهم كان عند إهلال الهلال. قلت : هذا غلط إنما قيل للإحرام : هلالٌ لرفع