حوافره بِصُمِّ الجندل ، وشَبَّه تَحْجِيلَ قوائِمِه بِبَيَاضِ نُجومِ السَّماء.
والحَبْلُ مصدر حَبَلْتُ الصَّيْدَ واحْتَبَلْتُه إذا نصبتَ له حِبَالَةً فنشِب فيها وأخذتَه.
والحِبَالَةُ جمع الحَبْلِ ، يقال حَبَلٌ وحِبَالٌ وَحِبَالَةٌ مثل جَمَلٍ وجِمَالٍ وجِمَالَة وَذَكَرٍ وذِكَارٍ وذِكَارَة.
وقال الله جلّ وعزّ في قصّة اليهود وذُلِّهم إلى آخر الدنيا وانقضائها (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) [آل عِمرَانَ : ١١٢] تكلّمَ علماءٌ اللُّغَةِ في تَفْسِير هذه الآية واختلَفَتْ مذاهِبُهم فيها لإشكالها ، فقال الفَرّاءُ معناهُ ضُرِبَتْ عليهم الذِّلَّةُ إلا أنْ يَعْتَصِمُوا بحبْلٍ من الله فأضْمَرَ ذَلك قال ومثله قوله :
رَأَتْنِي بحَبْلَيْهَا فَصَدَّتْ مخافةً |
وفي الحَبْل رَوْعَاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ |
قال : أراد رأَتْني أقْبَلْتُ بحَبْلَيْهَا فأضْمَرَ (أَقْبَلْتُ) كما أضْمَرَ الاعْتِصَامَ في الآية.
وأخبرني المنذريُّ عن أبي العبَّاس أحمدَ بن يحيى أنه قال : هذا الذي قَالَهُ الفراءُ بعيدٌ أن تَحْذِفَ أَنْ وَتُبْقِيَ صِلَتَها ، ولكنّ المعنى إن شاء الله (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا) بِكُلِّ مَكانٍ إلا بمَوْضِعِ حَبْلٍ من الله وهو استِثْناءٌ متَّصِلٌ كما تقول ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلّة في الأمْكِنَة إلّا في هذا المكانِ.
قال وقولُ الشاعر
(رأَتْنِي بحبليها ...)
هو كما تقول أنا بالله أيْ مُتَمَسِّك فتكون الباءُ من صِلَةِ رأَتْنِي مُتَمَسِّكاً بحَبْلَيْهَا فاكتَفَى بالرُّؤْيةِ من التَّمَسُّك.
قال وقال الأخفش في قوله (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ) [آل عِمرَان : ١١٢] إنَّهُ استثْنَاءٌ خارجٌ من أَوّل الكلام في معنى لَكِنْ. قلت والقولُ ما قال أبو العبَّاس.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : «أُوصيكم بالثَّقَلَيْنِ كتابِ الله وعِتْرَتِي ، أَحَدُهُما أَعْظَمُ من الآخَر ، وهو كتابُ الله حَبْلٌ مَمْدُودٌ من السَّماء إلى الأرض» قلت وفي هذا الحديث اتّصالُ كتابِ الله جلّ وعزّ به وإن كان يُتْلَى في الأرْضِ ويُنْسَخُ ويُكْتَبُ. ومَعْنَى الحبلِ الممدُودِ نورُ هُدَاه. والعَرَبُ تُشَبِّه النُّورَ بالحَبلِ والخيْطِ قال الله (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) [البَقَرَة : ١٨٧] فالخيطُ الأبيضُ هو نورُ الصُّبْح إذا تَبَيَّنَ للأَبْصَارِ وانْفَلق ، والْخَيْطُ الأسْوَدُ دونَه في الإنارة لِغَلبة سوادِ الليل عليه ؛ ولذلك نُعِتَ بالأسْود ، ونُعِت الآخَرُ بالأبْيضِ.
والخيط والحبلُ قريبان من السَّواء.
وقال الليثُ : يقال للكَرْمَة حَبَلَةٌ ، قال والحَبَلَةُ طاق من قُضبان الكرْم.
وقال أبو عبيد عن الأصمعي الجَفْنَةُ الأصلُ من أصول الكرْم وجمعها الجَفْن وهي الحَبَلة بفتح البَاءِ وروى أنس بن مالك أنه كانت له حَبَلَةٌ تحمل كُرَّاً وكان يسميها أمَّ العيال وهي الأصَلَةُ من الكرْم انتشرت قُضْبَانُها على عرائشها وامتدّت وكثُرت قضبانُها حتى بلغ حملها كُرّاً.
قال شمر : يقال حَبَلة وحَبْلة ، يُثقَّل ويُخَفَّف.