فإذا قلت : ما أحسن محمدا ، فالتقدير : شىء أحسن محمدا ، وليس هذا الشىء إلا محمدا نفسه ، ونقل إلى (ما) المبهمة دلالة على المبالغة التى تتلاءم مع معنى التعجب ، وهكذا ترى أن المتعجب منه فاعل فى المعنى فى صيغتى التعجب.
ولتلحظ تلاقى الفكرة التى تعرض أن المتعجب منه مخبر عنه مع الفكرة التى تعرض فاعلية المتعجب منه.
لذلك فإنهم يجعلون التعجب استعظام زيادة فى وصف الفاعل خفى سببها.
ثالثا : حذف المتعجب منه :
يجوز أن يحذف المتعجب منه ، وهو المنصوب فى صيغة (ما أفعله) ، والمرفوع فى صيغة (أفعل به). وذلك إن دلّ عليه دليل ، وكان ضميرا.
وحذف المتعجب منه المفعول به المنصوب إذا كان ضميرا. ذكر فى قول امرئ القيس السابق :
أرى أمّ عمرو دمعها قد تحدّرا |
|
بكاء على عمرو وما كان أصبرا |
والتقدير : وما كان أصبرها. فحذف المتعجب منه ، وهو الضمير المنصوب.
ومنه قول على بن أبى طالب ـ كرم الله وجهه :
جزى الله عنى والجزاء بفضله |
|
ربيعة خيرا ما أعفّ وأكرما (١) |
أى : ما أعفها وأكرمها ، فحذف المتعجب منه ، وهو ضمير عائد إلى ربيعة ، فدلّ عليه دليل.
__________________
(١) شرح ابن الناظم ٤٥٩ / العينى ٣ ـ ٦٤٩ / شرح التصريح ٢ ـ ٨٨ / الأشمونى ٣ ـ ٢٠.
جزى فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر. (الله) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (عنى) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالجزاء ، (والجزاء) الواو ابتدائية فاصلة ، لا محل لها من الإعراب. (الجزاء) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (بفضله) جار ومجرور ، ومضاف إليه مبنى فى محل جر ، وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر المبتدإ ، أو متعلقة بخبر محذوف. والجملة اعتراضية ، لا محل لها من الإعراب. (ربيعة) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (خبرا) مفعول به ثان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، ويجوز أن يكون منصوبا على نزع الخافض ، ويجوز أن يكون نائبا عن المفعول المطلق ، والتقدير : جزاء خيرا ...