أما إذا قلت : أكرم بمحمد ؛ فكأنك دعوت غيرك إلى التعجب معك من كرمه (١).
ثالثا : الفصل بين فعل التعجب والمتعجب منه :
ينقسم النحاة إزاء قضية الفصل بين فعل التعجب والمتعجب منه إلى قسمين :
أولهما : يذهب إلى امتناع الفصل بينهما ، لكون فعل التعجب ضعيفا ؛ لأنه فعل جامد ، كما أن التركيب التعجبى كالأمثال يلزم طريقة واحدة فى التركيب. وعلى رأس هذا المذهب الأخفش والمبرد وجماعة من النحاة المتقدمين.
والآخر : وعلى رأسه الفراء والجرمى والمازنى والزجاج والفارسى وغيرهم ، يذهب إلى جواز الفصل بشبه الجملة ، فتقول : ما أحسن اليوم زيدا ، وما أجمل فى الدار بكرا.
ويحتج أصحاب هذا الاتجاه بأن (أفعل) فى التعجب ليس بأضعف من (إنّ) التى يفصل بينها وبين اسمها المنصوب بها بشبه الجملة.
وقد سمع عن العرب قولهم : ما أحسن بالرجل أن يصدق.
فإذا كانت شبه الجملة معمولا لمعمول فعل التعجب فإنه لا يجوز أن يفصل بها ، حتى لا يفصل بين العامل ومعموله بمعمول معموله ، وهذا ممتنع ، ففى قولك : ما أحسن معتكفا فى المسجد ، وأحسن بجالس عندك ، لا يجوز تقدم شبهى الجملة (فى المسجد ، وعندك) لتكونا فاصلا ؛ لأنهما معمولان للمتعجب منه (معتكفا ، وجالس) ، فكلّ منهما متعلقة بصاحبها.
ومنه أن تقول : ما أفضل متصدقا فى سبيل الله ، أجمل بفتاة عندك.
__________________
(١) ينظر : التبصرة والتذكرة ١ ـ ٢٦٧.