النصب على حذف حرف الجر :
كل جارّ ومجرور ـ أى : شبه الجملة ـ يؤتى بها لتؤدى معنى فى سابق عليها ، أو لاحق بها ، فلا بدّ أن يكون لها متعلق ، وعلى أساس العلاقة بينها وبين ما سبقها أو ما لحق بها تكون شبه الجملة فى موقعيتها من الجملة التى أنشئت بها على نوعين :
أولهما : أن تكون شبه الجملة لها موقع إعرابىّ ، إذا كانت فى موقع خبر المبتدإ : (الطلاب فى القاعة) ، أو خبر (إن) : (إن المتقين فى نعيم) ، أو خبر كان : (ما زال تطورنا فى اطراد) ، أو نعت : (أعجبت برجل على المنبر) ، أو حال : (استمعت إلى أستاذى فى انتباه).
وقد عرفنا أن جمهور النحاة يرون أن شبه الجملة فى هذه المواقع تكون متعلقة بمحذوف ، سواء أكان فعلا أم اسما ، ويكون هذا المحذوف فى هذه الموقعية ، وشبه الجملة متعلقة به.
والآخر : أن تكون شبه الجملة متعلقة ، وحينئذ يجب أن يسبقها فعل أو ما يشبه الفعل ؛ لأن شبه الجملة تكون فى محلّ نصب ، لكن الفعل أو ما يشبهه لا يصل إلى هذا المنصوب إلا بواسطة حرف الجرّ لدواع معنوية ، حيث تتعدد الجهات المعنوية للفعل ، فيلزم وجود الواسطة حتى تحدد جهة واحدة معنوية ، يرتبط الفعل عن طريقها بالمجرور ، فمثلا : (خرج) فعل يحتمل ابتداء وانتهاء ، فلا بدّ من تحديد العلاقة بين الفعل ومنصوبه بين الابتداء فيكون بحرف الجر (من) ، أو الانتهاء فيكون حرف الجرّ (إلى) ، ومثل ذلك فى جميع ما نسميه بالأفعال اللازمة ، من نحو : نزل ، انصرف ، استمع ، تحول ، ذهب (ذهب إلى ، ذهب بـ ...). وهذه الوظيفة الدلالية تكون فى علاقة الاسم بما بعده فى المواضع والتراكيب التى تستخدم فيها حروف الجرّ. فكلّ جارّ ومجرور يكون متعلقا بما قبله يكون فى موضع نصب ، وحرف الجر واسطة معنوية لتعدية الفعل إلى معموله ، وحروف الجرّ كلّها سواء فى هذه الخاصة.