وذكر النحاة معانى أخرى لحرف الجرّ (إلى) ، وهى : التبيين ، وموافقة (من) ، وموافقة (عند) (١) ، ولكن أكثر البصريين لم يثبتوا لها غير معنى انتهاء الغاية ، ويجعلون هذه الشواهد كلّها متأولة.
واختلف النحاة فى قضية دخول ما بعدها فيما قبلها على النحو الآتى :
ـ يذهب قوم إلى دخول ما بعدها فيما قبلها فى الحكم عند وجود قرينة.
ـ ويذهب آخرون إلى عدم دخول ما بعدها فيما قبلها.
ـ ويذهب آخرون إلى أنه إن كان من جنس الأول دخل معه فى الحكم. وإلا فلا ، وهذا عند عدم وجود قرينة.
ـ ويذهب المرادىّ وابن هشام إلى أن «إلى» يدخل ما بعدها فيما قبلها إذا عدمت القرينة ، لأن الأكثر فى وجود القرينة عدم الدخول فينبغى الحمل عليه عند التردد (٢).
على
اختلف النحاة فى حرفيتها ، فالمذهب المشهور للبصريين أنها حرف جر ، ولكن إذا دخل عليها حرف الجرّ صارت اسما بمعنى فوق (٣) ، وذهب بعضهم إلى أنها فى القول (هون عليك) اسم كذلك ، ونسب هذا إلى الأخفش (٤) ، وذهب الفارسى وابن طاهر وابن خروف وابن الطراوة والزبيدى وابن معزوز والشلوبين إلى أنها اسم ولا تكون حرفا (٥) ، ونسبوا ذلك إلى سيبويه ، وربما أخذوه من قوله : (وهو
__________________
(١) ويجعلون (إلى) التى تفيد التبيين هى المتعلقة فى تعجب أو تفضيل بحب أو بغض لتبيين فاعلية مصحوبها ، نحو : (السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَ) [يوسف ٣٣] والتى تفيد (من) قاله الكوفيون والعتبى ، واستشهد له بقول ابن أحمر :
تقول وقد عاليت بالكور فوقها |
|
أيسقى فلا يروى إلىّ ابن أحمرا؟ |
(٢) انظر : مغنى اللبيب ١ ـ ٦٥ / الجنى الدانى ٣٨٥.
(٣) انظر : معانى الحروف ١٠٧ / مغنى اللبيب ١ ـ ١١٨ / الجنى الدّانى ٤٧٠ ، ٤٧١ / همع الهوامع ٢ ـ ٢٩.
(٤) انظر : مغنى اللبيب ١ ـ ١١٥ ، ١١٦ / الجنى الدانى ٤٧١ ، ٤٧٢.
(٥) انظر : الجنى الدانى ٤٧٣ / همع الهوامع ٣ ـ ٢٩.