وأنت فى هذين المعنيين يجوز لك أن ترفع ما بعدهما وأن تخفضه ، والرفع يكون على الخبرية على أن (مذ ومنذ) فى محلّ رفع على الابتداء.
والخفض يكون على أنهما حرفا جرّ ، وما بعدهما مجرور بهما ، وقد يكون جرّ ما بعدهما على الإضافة.
من ذلك قول امرئ القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان |
|
وربع عفت آثاره منذ أزمان (١) |
وفيه (منذ) لابتداء الغاية ، وقد جرت ما بعدها على الأكثر شهرة.
وقول زهير بن أبى سلمى :
لمن الديار بقنّة الحجر |
|
أقوين مذ حجج ومذ دهر (٢) |
فيه (مذ) فى الموضعين لابتداء الغاية فى الزمن الماضى ، وقد جرّتا ما بعدهما ، وإذا عطف على مرفوعهما فإنه يجوز فى المعطوف عليه الرفع والنصب ، فتقول : ما رأيته مذ يومان وليلتان ، أو : وليلتين ، ورفع المعطوف عليه يكون بعطف مفرد على مفرد ، أما النصب فإنه يكون بالعطف على محل (مذ مع مرفوعه) ؛ لأن محلّهما النصب على الظرفية ، وهما متعلقان بالفعل الذى يسبقهما.
__________________
(١) الأشمونى على الألفية ٢ ـ ٣٢٩.
(قفا) فعل أمر مبنى على حذف النون ، وألف الاثنين مبنى فى محل رفع فاعل ، (نبك) جواب الأمر فعل مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، أو مجزوم لأنه جواب شرط محذوف ، والتقدير : إن تقفا نبك ، والفاعل ضمير مستتر تقديره : نحن. (من ذكرى) من : حرف جر مبنى ، ذكرى : اسم مجرور بمن ، وعلامة جره الكسرة المقدرة ، منع من ظهورها التعذر ، وشبه الجملة متعلقة بالبكاء ، ويجوز أن تجعل من زائدة. وذكرى : مفعولا به منصوبا مقدرا. (حبيب) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (وعرفان) عاطف ومعطوف على حبيب. (وربع) عاطف ومعطوف على حبيب. (عفت) فعل ماض مبنى على الفتح المقدر ، والتاء حرف تأنيث مبنى. (آثاره) فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وضمير الغائب مبنى في محل جر بالإضافة. والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت لربع. (منذ) حرف جر مبنى على الضم لا محل له من الإعراب. (أزمان) اسم مجرور بمنذ ، وشبه الجملة متعلقة بالعفاء.
(٢) الموضع السابق. قنة (بضم فتشديد) : أعلى الجبل ، الحجر (بكسر فسكون) حجر ثمود ، أقوين : خلون ، الحجج (بكسر الحاء) : السنون.
(لمن) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة فى محل رفع خبر مقدم. (الديار) مبتدأ مؤخر مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (أقوين) جملة فعلية فى محل نصب حال من الديار.