العامل فى المنادى :
يختلف النحاة فيما بينهم فى العامل فى المنادى على النحو الآتى :
ـ يذهب جماعة من النحاة إلى أن ناصب المنادى هو حرف النداء ، واختلفوا فى ذلك : حيث ذهب جماعة منهم إلى أن حرف النداء نفسه هو العامل ، فهو يغنى عن الفعل لفظا وعملا ، وذلك كى يتحقق معنى الإنشاء الموجود فى النداء ، وإذ إنه لو كان غيره لكان الأسلوب خبريا.
ويستدلون على ذلك بأن (يا) تمال كما تمال الأفعال ، أو ما يقوم مقامها ، كما يحتجون كذلك لهذا الرأى بأن حرف الجرّ يتعلق بها ، عند ما تقول : يا لمحمد ، والحرف لا يتعلق بالحرف إلا إذا كان قائما مقام الفعل.
ويردّ على ذلك بأن الحروف لا تعمل إلا إذا اختصّت ، وحرف النداء يدخل على الفعل والاسم والحرف.
وذهب آخرون ـ وعلى رأسهم الفارسى ـ إلى أن حرف النداء اسم فعل. ويردّ على ذلك بأن معانى الأفعال لا تعمل إلا فى أشباه الجمل (الظروف والمجرورات).
ـ وذهب جماعة من النحاة ـ وعلى رأسهم سيبويه ـ أن الناصب للمنادى فعل مقدر واجب الحذف ، وحرف النداء نائب عن الفعل فى اللفظ والمعنى ، لا فى العمل. والتقدير عند هؤلاء ، أدعو ، أو أنادى ، أو أريد ... أو نحو ذلك.
وحجتهم فى ذلك أن حرف النداء لو كان عاملا لوجب اتصال الضمير به (١).
وانتصاب المنادى لديهم بالفعل المقدر (أدعو) لا يقتضى أن يكون خبرا وهو إنشاء عند الجمهور ، وكان أصله الخبر ، وكلّ من الخبر والإنشاء قد ينتقل معنويا إلى الآخر ، ولذلك فإن الفعل الذى نابت (يا) منابه واجب الحذف ، حتى لا يتوهم أنه مراد به الإخبار ، وليس كذلك.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٢٩١.