وأصل النداء عند هؤلاء ـ وعلى رأسهم سيبويه ـ أن تقول : إياك أعنى ، فكان المنادى ـ عندهم ـ منصوبا ومخاطبا. فناب حرف النداء مناب الفعل الناصب ، وناب الاسم الظاهر المدعوّ مناب ضمير الخطاب.
وأنت تلحظ أن جملة جواب النداء تكون متضمنة ضمائر المخاطبة دائما إذا كانت للمنادى ، نحو ، يا محمد اكتب ، أى : أنت ، وأكافئك ، ويا رجال أحترمكم ...
وإذا كانت جملة جواب النداء متحدثة عن غير المنادى فإنها تتضمن مخاطبته سياقيا ، فإذا قلت : يا علىّ إن محمودا فعل كذا ، فكأنك تقول له : يا علىّ أنبهك ، أو أحذرك ... أو غير ذلك من هذه المعانى.
تعدى عامل المنادى إلى ما بعده :
يوجه النحاة إعراب بعض المنصوبات أو تعلق أشباه الجمل التى تذكر بعد المنادى إلى أن العامل فيها هو العامل فى المنادى ، وهو الفعل الذى ناب حرف النداء منابه. ففى قول الشاعر :
يا هند دعوة صبّ هائم دنف ...
نصب (دعوة) بعامل المنادى ، فهو مصدر منصوب به.
وفى قول الشاعر :
يا دار بين النقا والحزن ما صنعت |
|
يد النّوى بالألى كانوا أهاليك |
تعلقت شبه الجملة (بين النقا) بعامل المنادى. وقد تكون فى محلّ نصب على الحالية.
فى قول الشاعر :
يا أيّها الربع مبكيا بساحته |
|
كم قد بذلت لمن وافاك أفراحا |
يوجه نصب (مبكيا) على الحالية ، والعامل فيه عامل المنادى ، واستقبحه قوم على رأسهم المازنى ، وأجازه آخرون.