٤ ـ ذهب جماعة ـ وعلى رأسهم أبو حيّان وكثيرون ـ إلى أن (هل) تكون للاستفهام قط ، ولا تكون بمعنى (قد).
ويؤولون البيت على أنه مما توالى فيه حرفان للتأكيد ، والذى حسّن ذلك اختلاف لفظيهما (١). وقد أكّدوا مع اتفاق اللفظ (٢) ، وأنه شاذ.
أما الآيتان الكريمتان فإن (هل) فيهما للاستفهام الذى يخرج إلى معنى التقرير.
خروج (هل) عن معنى الاستفهام :
قد تخرج (هل) عن معنى الاستفهام الحقيقى إلى معنى النفى ، ويعيّن ذلك دخول (إلّا) فى جملتها ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) [سبأ : ١٧] ، حيث التقدير : لا نجازى إلا الكفور ، وأنبه إلى ما قد ذكره بعضهم من خروج (هل) إلى معنى (قد) كما تقدم ، فتعطى معنى التحقيق ، وقد يجعلها بعضهم للتقرير ، ولكنه ضعيف ، وقد يذكر لها معنى (إنّ) ، لكنه ضعيف أيضا.
وقد يفهم من (هل) معنى الأمر ، كما هو فى قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١] ، حيث التقدير : انتهوا ـ والله أعلم.
بين الهمزة و (هل):
للهمزة خصائص لا تكون لـ (هل) ، فالاستخدام التركيبىّ لها أوسع وأشمل مما هو لـ (هل) ، وقد ذكرت هذه الخصائص فى أثناء دراسة الحرفين ، وسأوجز السمات التركيبية الفارقة فيما يأتى :
__________________
(١) ومما توالى فيه حرفان للتوكيد وهما مختلفان لفظا قوله :
فأصبحن لا يسألنه عن بما به |
|
أصعّد فى علوّ الهوى أم تصوبّا |
حيث الباء بمعنى عن ، وتكون مؤكدة لها.
ومن ذلك أن تجعل (كى) بمعنى لام التعليل فى مثل القول : أذاكر لكى أنجح. والتقدير : لكى أن أنجح ، فيكون الفعل منصوبا بأن مضمرة. وتكون اللام مؤكدة لكى التعليلية فى القول : ذاكرت كى لأنجح.
(٢) مما توالى فيه حرفان متفقا اللفظ للتوكيد قوله :
فلا والله لا يلفى لما بى |
|
ولا للما به أبدا دواء |