أما إذا نصب كلا فإنها تدخل فى حيّز النصب ، فيقع عليها عدم الصنع ، ويقتضى ذلك صنع بعض الذنب ، حيث تكون موقعية الكلية بعد النفى.
ومثله قول الآخر :
فكيف وكلّ ليس يعدو حمامه |
|
وما لامرئ عمّا قضى الله مرحل (١) |
حيث رفع (كل) فتخرج من حيّز النفى ، ويقع على ما بعدها ، وهو عدو الحمام ، ويكون محكوما على كلّ بهذا المعنى المنفىّ ، وعلى الرفع فإن المعنى يكون : ليس الكل أو البعض أو أحد من هذه الكلية يعدو حمامه.
وقوله صلّى الله عليه وسلّم فى حديث ذى اليدين عند ما قال له : أقصرت الصلاة أم نسيت؟
فقال صلّى الله عليه وسلّم : «كلّ ذلك لم يكن» أى لم يكن شىء من ذلك ولا بعضه ، ولو أخّر (كلا) وأدخله فى حيّز النفى لاقتضى أن يكون بعض ذلك قد كان فى ظنّه.
يذكر أبو حيان : «ذهب ابن أبى العافية وقال الأستاذ أبو على : لا فرق بين الرفع والنصب» (٢).
ثالثا : ترتيب ألفاظ التوكيد المجتمعة :
إذا اجتمعت ألفاظ التوكيد بدأت منها بالنفس فالعين ، ثم بكل ، ثم بأجمع فأكتع ، يليها أبتع وأبصع ، ولك أن تقدم إحدى الأخيرتين على الأخرى ، فتقول : حضر الطلبة أنفسهم أعينهم كلّهم أجمعهم أكتعهم أبتعهم أبصعهم. ذلك على الترتيب السابق ، فإذا أهملت الأول أتيت بما يليه ، وإذا أهملت أحدها ذكرت ما يليه.
رابعا : توابع أجمع :
ما يذكر بعد (أجمع) من ألفاظ التوكيد (أكتع وأبتع وأبصع) توابع لأجمع بخاصة ، بحيث إنه إذا لم تأت بها فإنك لا تأتى بما بعدها من هذه التوابع ، حيث لا يؤتى بالتابع دون المتبوع ، كما فى قولك : حسن بسن ، شيطان ليطان ، جائع نائع ، كثير بثير ... إلخ.
__________________
(١) البحر المحيط ٢ ـ ٤١٨.
(٢) ارتشاف الضرب ٢ ـ ٦١٥.